Page 30 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 30
العـدد 31 28
-1تابو اللغة: يوليو ٢٠٢1
يمكن النظر إلى كسر تابو اللغة في الرواية كأحد فرجينيا وولف
السياسات التي يعتمدها الكاتب في تحطيم
المحظورات الاجتماعية ،مثل قضية التمييز والفصل
الجنسي بين الذكورة والأنوثة .و ُيمثل تدمير تلك
الثنائية التقليدية أحد تمظهرات نظرية ما بعد
البنيوية والتي مه ّدت الطريق فيما بعد لدراسات
الـ»ترانس جندر»؛ فوف ًقا للناقدة الفرنسية «هيلين
سيكسو» في مقالها «ضحكة ميدوسا» فإن فعل
الكتابة هو إعادة تخليق للغة وبناء للذات بعي ًدا عن
الذكورة والأنوثة .وعليه ،يجد القارئ في الصفحات
الأولى من الرواية بعض التذبذب في استخدام
الضمائر بين التذكير والتأنيث ،يمتد إلى منتصف
الرواية مثل قول (ر ّيان) عن والدته« :كنت أتمناها
تقول تصبح على خير وليس تصبحين» .وعلى مدار
الرواية يتم الإشارة إلى (ر ّيان) في المقطع الواحد
بصيغة المؤنث وأحيا ًنا بصيغة المذكر في الوقت
ذاته ،وهو بلا شك أمر مقصود .فهكذا تذبذب
يستثير لدى القارئ الشعور بالتوتر والالتباس
بسبب عدم الثبات الخطابي ولعبة تبديل الضمائر
التي يوظ ّفها الكاتب ،الأمر الذي يستدعي حالة
(التقمص العاطفي) empathyوهو أعلى درجة
من حالة (التعاطف) العادي .sympathyفيتق ّمص
القارئ حالة الحيرة والإرباك التي تعاني منها
الشخصية الرئيسة كونه ذك ًرا حبيس جس ٍد أنثوي
من ناحية ،وكذلك حالة التوتر والبلبلة التي أثارتها
أزمته لدى المؤسسة المجتمعية المتمثّلة في الوسط
العائلي ،ورفض النسق الاجتماعي فكرة تحوله إلى
ذكر.
ولع ّل عدم ثباث الضمائر هو العتبة الأولى لفرض
ما هو متعلق بالهوية الجنسية للعابرين جنسيًّا.
فالمتحولون جنسيًّا يتطورون جسد ًّيا ويتعاملون
بتناقض مع أجسادهم؛ وينبع هذا التوتر والصراع
بسبب ما يشعر به هؤلاء تجاه ذواتهم وما يتو ّقعه
منهم مجتمعهم الذي يحدد لهم هويتهم والضمائر
التي يشار إليهم بها .وهنا تبدو الضمائر اللغوية
أداة مهمة في يد الكاتب ،لكسر تح ّجر اللغة الذي
ينص ُّب على ثنائية التذكير والتأنيث ،يعقبه التحول