Page 26 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 26

‫العـدد ‪31‬‬   ‫‪24‬‬

                                                      ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

   ‫المسيحية‪ ،‬حيث يحرم رجال الدين على أنفسهم كل‬               ‫كهان عشتاروت الخصيان بتجريح أجسامهم‬
‫زواج وممارسة جنسية مدى الحياة‪ ،‬وهو نظام مبني‬                ‫بالسكاكين الحادة على صوت الطبول والزمور‬
‫على تعاليم السيد المسيح نفسه‪( .‬فراس السواح‪ ،‬ن‪.‬م‪،‬‬       ‫والصنوج التي تعزف إيقا ًعا عني ًفا مجنو ًنا‪ .‬ثم تنتقل‬
                                                      ‫الحمى الى بقية المحتفلين‪ ..‬حيث الطقس مهيئًا لمباشرة‬
                                      ‫ص‪)238‬‬               ‫الإخصاء‪ ..‬وهنا يندفع الشباب واح ًدا إثر آخر إلى‬
    ‫أقنع هيبا نفسه بالإخصاء‪ ،‬حتى يحمي نفسه من‬            ‫المكان المخصص‪ ،‬فيه سيوف مغروسة فيستلونها‬
                                                         ‫ويخصون أنفسهم بأيديهم‪ ،‬وتضمنت ملحمة الإله‬
     ‫الخضوع للإغواء‪ ،‬وأراد أن يصير مثل الملائكة‪،‬‬        ‫الشيطان‪ /‬إيرا إشارة واضحة إلى وجود الخصيان‬
 ‫واستذكر ما قاله في الرسول‪ :‬يوجد خصيان خصوا‬             ‫والغلمان‪ ،‬وأشار السواح أي ًضا الى أن معبد عشتار‬
                                                           ‫يعج بالمخنثين الذين نالت الآلهة من رجولتهم»‪.‬‬
    ‫أنفسهم من أجل ملكوت السماوات‪ ،‬فمن استطاع‬
      ‫أن يقبل‪ ،‬فليقبل‪ ..‬ولسوف أقبل مختا ًرا‪ ،‬راضيًا‬           ‫(فراس السواح‪ ،‬لغز عشتار‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪)231‬‬
    ‫بالتضحية على مذبح الطهر‪ .‬سأفعل ذلك بمشيئة‬             ‫وتقدم لنا أسطورة سورية الحب الذي وقعت فيه‬
                                                      ‫الملكة (ستراتوبيس) لكن القائد (كومبابوس) مانعها‪،‬‬
 ‫الرب‪ ،‬صباح غد‪( .‬يوسف زيدان‪ ،‬عزازيل‪ ،‬ص‪)129‬‬                 ‫واضطر أخي ًرا أن يتخلص من ذلك‪ ،‬لجأ إلى فعل‬
      ‫تراجع هيبا ولم يمارس إخصاء لذكورته‪ .‬تذكر‬         ‫الإخصاء ووضع ذكورته في قنينة‪ ،‬قدمها للملك بعد‬
                                                       ‫أن شكك رجال بعلاقته مع زوجة الملك‪ .‬وكان الشاب‬
‫شخصين فعلا ذلك‪ ،‬هما أوريجين‪ .‬اعتبر الأول قدي ًسا‬       ‫(بايتي) في حكاية آنبو وبايتي الأنموذج الآخر الذي‬
     ‫واعتبره البعض مذنبًا‪ .‬وأدان أسقف الإسكندرية‬        ‫أجرى الإخصاء بعد محاولة إغواء زوجة أخيه آبنو‬
                                                         ‫له‪ ،‬وأعتقد بأن الإخصاء الذي فكر به الراهب هيبا‬
 ‫آنذاك ‪-‬ديمتريوس‪ -‬واعتبره فع ًل شني ًعا وعزله عن‬        ‫امتداد للتعطيل الأوزيرسي الذي خسر ذكورته ولم‬
‫ممارسة دوره اللاهوتي «لا مجال لتعويض ما سوف‬            ‫يتم العثور عليها بعد أن قتله «ست»‪ .‬ولأن المسيحية‬
                                                        ‫استفادت من الديانة الفرعونية فإن الإخصاء فكرة‬
   ‫أفقده‪ ..‬لا مجال لمقاومة رغبات النفس واشتهاءات‬       ‫صعدت للديانة اليسوعية‪ ،‬لا سيما وأن الرب يسوع‬
    ‫البدن‪ ..‬لن أفكر في إخصاء نفسي أب ًدا»‪( .‬عزازيل‬      ‫المسيح يتماهى مع عدد من عناصر الإله أوزيريس‪:‬‬

                                       ‫ص‪)130‬‬                  ‫«درسنا الإخصاء في مخطوطة لنا‪ /‬الأصول‬
   ‫لم يجد غير الطرد والتحقير له‪ ،‬بعدما أعلن لها عن‬    ‫الأسطورية في قصة يوسف» سيصدر عن دار المدى‪/‬‬
 ‫مسيحيته‪ ،‬لأنها ‪-‬أوكتافيا‪ -‬لا تريد رج ًل خار ًجا عن‬
   ‫ديانتها ومتمر ًدا عليها‪ ،‬تريد المؤمن بها وبطقوسها‬                                          ‫دمشق‪.‬‬
‫التي مارستها معه‪ .‬الشرب وممارسة الجنس طقوس‬               ‫قال الأستاذ فراس السواح‪ :‬كهان عشتار خصيان‬
    ‫زواج إلهي مقدس‪ ،‬مارسته أوكتافيا الربة المانحة‬
‫جسدها مع رجل هو البديل الإلهي أو الملكي‪ .‬وكشفت‬              ‫متبتلون نذو ًرا للآلهة طهارة جنسية كاملة‪ ،‬أما‬
 ‫أوكتافيا عن موقف جريء وثقافة رصينة في اللحظة‬             ‫كاهناتها فبغايا مقدسات لا ينقطعن عن ممارسة‬
   ‫التي ضحت بها بالمتع واللذائذ التي ظلت محرومة‬            ‫الجنس‪ ..‬إطلاق جنسانية الأنثى توكيد على مبدأ‬
   ‫منها طوي ًل‪ ،‬والفارق كبير بين الاثنين بعد قرارها‪.‬‬      ‫الحياة‪ ،‬وفي كف جنسانية الرجل توكيد على مبدأ‬
  ‫هيبا ارتضى البقاء معها وهو يدرك وثنيتها‪ ،‬بمعنى‬
 ‫تنازل عن إيمانه المسيحي وارتد إلى ديانته السابقة‪/‬‬                                             ‫الموت‪.‬‬
 ‫الوثنية التي قتل والده بسببها‪ .‬لكنه وجد ذاته القلقة‬  ‫ومن ناحية أخرى فإن الإخصاء الذي يقوم به الكهان‬
 ‫ثانية‪ ،‬من هنا كانت فكرة الإخصاء الحقيقي للذكورة‬
   ‫وليس الرمزي الذي لم يتمكن منه في الرهبنة ذات‬          ‫وبعض خاصة العباد‪ ،‬هو نوع من التوحد الصوفي‬
                                                         ‫بالروح الأنثوية الكونية‪ .‬وتوكيد على أولية الأنوثة‬
      ‫الأصول المصرية مثل الكثير مما في اليسوعية‪.‬‬       ‫وتبعية الذكورة‪ ..‬نظام كهانة الأم الكبرى القائم على‬
   ‫ع ّمد نفسه بنفسه ليحوز على لحظة إشراق مفاجئ‬
    ‫وحصل على اسمه الجديد بعد التعميد وهو الاسم‬             ‫الإخصاء‪ ،‬قد يبدو كثير الغرابة إذا قارناه بنظام‬
  ‫الذي عرف به الآن‪ ..‬هيبا‪ ،‬وما هو إلا النصف الأول‬      ‫الرهبنة والكهانة القائم على إخصاء رمزي في الديانة‬
  ‫من أسمها‪« ..‬صرت الإنسان الآخر الذي كان كامنًا‬
    ‫ف ّي‪ ،‬أنا الآن هيبا الراهب ولست ذاك الصبي الذي‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31