Page 31 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 31
29 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
رادكليف هال هيلين سيكسو إلى ضمير مذ ّكر حيادي؛ يتحول فيه الـ»أن َت»
المذكر إلى مدلول حيادي يقبل التذكير أو التأنيث
التي يعاينها هؤلاء العابرون سواء على المستوى بما في ذلك المتحولين أنفسهم الذين يحملون سمات
الجنسي أو الاجتماعي.
الذكورة والأنوثة م ًعا.
يرى القارئ أن بنية الرواية من الأهمية بمكان
لأنها أو ًل تعكس ازدواجية الوعي لدى الشخصية -2السرد الماورائي وكسر التابو الثقافي:
الرئيسة التي تجمع الماضي الفائت بآلامه وأحزانه
مع الحاضر الآني ،والتوجس حول ماهية المستقبل يعتمد الكاتب على السرد ذاتي الانعكاس ،بمعنى أن
المنبنية عليه .وتطرح تلك البنية أي ًضا قضية شتات الرواية تنعكس على ذاتها ولها وع ٌي ذات ٌّي خاص
الذات الواحدة المنعكسة على نفسها؛ فتتحول ذات
بها .فتقع الرواية في خطين سرديين :الخط السردي
(ر ّيان) إلى الـ(ذات والآخر) في آن واحد :الذات الرئيس -المكتوب بالخط العريض -وهو سرد عن
الذكورية التي يأمل الوصول إلى اكتمالها ،والآخر السرد ،يأخذ شكل إرهاصات رواية ومذكرات
يومية قيد الكتابة ،يعتزم (ر ّيان) كتابتها ،أما الخط
الأنثوي الذي سيظل يطارده طوال حياته .كما الآخر فهو قصة الرواية التي يكتبها (ر ّيان) حول
تكاشف البنية المزدوجة للرواية حقيقة المجتمع معاناته منذ الارتباك حول هويته الجنسية؛ منذ
وتعكس ازدواجية وعيه إزاء هكذا مشكلات .فعلى أن كان طفلة تكره ألعاب وملابس الفتيات ،مرو ًرا
الرغم من وقوف المؤسسة المجتمعية المتمثلة في باكتشاف والدته أمر التشوه الخلقي ،ثم المواجهة
والد (ر ّيان) وأخته الكبرى (نورة) وغيرهما على القاسية مع المجتمع وإجراء العمليات الجراحية.
حجم وصحة المشكلة؛ إلا أن العقول المتحجرة يبدو كسر التابو الثقافي جليًّا في الخط السردي
ُتبدي سياسة النبذ والتقويض والعنف على حد قول الأول الذي يعلن عن نفسه تحت مسمى أدب
(نورة)« :أريد أن أقتلك!» على التفاهم والحوار؛ فإما «ترانس جندر» -كما أسلفنا بالذكر ،-وهنا تبدو
أن يظل (ر ّيان) مس ًخا أو أن ُيطرد من البلد ويحرم معضلة هذا النوع من الأدب؛ فعلى الرغم من وجود
أصحابه الذين خاضوا التجربة وعاينوها بذواتهم
من ميراثه. إ ّل أنه لا يمكنهم التعبير عنها عبر أعمال أدبية أو
سير ذاتية ،وذلك يرجع إلى تصنيف التجربة ضمن
المسكوت عنه والشاذ عن سلطة المجتمع .ومن ث ّم،
تتب ّدى فرضية «سيكسو» حول أهمية الكتابة في
تحديد وخلق الهوية بوصف الكتابة فع ًل تقويضيًّا
لسلطة المجتمع الأبوية ،يجنح خلالها الفرد نحو
إعادة تخليق ذاته أكثر من مجرد إعادة الكتابة
عن نفسه ،وفي هذا يستوى الرجل والمرأة .يقول
(ر ّيان)« :ومع بدء معاناتي ،تحولت الكتابة لتكون
عو ًنا لي ،وتوثي ًقا ومرج ًعا لمراحل علاجي وحالتي
النفسية» .ومن ث ّم ،كانت مواجهة والدة (ر ّيان)
لابنها عندما علمت بأمر روايته التي يكتبها ونعتها
إياها بالفضيحة التي يتحتم حرقها ،حتى وإن كانت
هي الداعم الأول له .وعليه ،يمثل هذا الخط السردي
تمزي ًقا لسرديات المجتمع الكبرى الرافضة لمن شذ
عن قواعده السلطوية ،وتدعي ًما لحالة الاستلاب