Page 34 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 34
العـدد 31 32
يوليو ٢٠٢1
د.عمر صوفي محمد
عبثية الواقع واندثار المعنى
قراءة في رواية إحدى عشرة خطيئة()1
كل شخصيات الرواية ثائرة على المعاني المجردة ،كالمجد والشرف
والحق والخير والجمال ،ويعكس هذا الشك ما ران على تلك المعاني
نتيجة للتردي المجتمعي والواقع المأزوم وتحلل المرجعية الدينية
دون أن تحل محلها منظومة خلقية ولو بغاية نفعية للحفاظ على
سيرورة الحياة ،فتزعزعت الأسس الميتافيزيقية والعون الإلهي
وتخلخلت القيم المتوارثة ،في سعي محموم لإحلال الذات المستقلة
محل كل مرجعية ،بلا عون ولا سند ولا نصير ،من أجل أن يصوغ
الإنسان قدره بنفسه
بعد أن تفككت المنظومة القيمية وساد الحياة منطق عندما تطالع رواية «إحدى عشرة خطيئة»
العبث والخواء واللامعنى.
للكاتب أحمد قرني ستثور في ذهنك عدة أسئلة ،بل
وتطرح الرواية تساؤ ًل فلسفيًّا جوهر ًّيا حول أثر تساؤلات تحملها الرواية في ثناياها ،وستقف طوي ًل
تلاشى المرجعيات الأخلاقية الحاكمة واندثار المعنى
أمام شخصياتها التي تجردت من كل ملمح قيمي
لمختلف مناحي الحياة ،وهيمنة النزعة النفعية أو نزعة إنسانية ،حتى لو غلفت ملمحها ومظهرها
والانتهازية والاستغلال الاستعبادي الذي يصل
حد الاتجار بالبشر .شخصيات لا يردعها وازع بالحضارة ،وتمسحت بالفن والثقافة ،لكنها في
أخلاقي ولا قيمي ،تبدو وقد فقدت بوصلتها العقلية النهاية توغل في الخطيئة والفساد والانحلال
والأخلاقية وارتدت في مضمار الحضارة إلى ما قبل
البداوة .تتخبط في فوضى وتمارس الفعل ونقيضه الأخلاقي .يستوي في ذلك جابر الونايسي ،الريفي
في آن دون إحساس بالذنب وتقترف الخطايا بدم البائس المتشرد بالقاهرة ،مع أميرة الفايد سيدة
بارد ،وتسلك بإحساس متبلد ،وتشرعن كل ما هو المجتمعات الراقية ،مع أسيل المتمسحة بالثقافة
باطل ،حتى وصل الأمر لأن تعد ذواتها مرجعيات والكتابة ،مع رجال الدين الذين ركبوا موجة
لكل شيء ومقيا ًسا لكل قيمة ،وانعكاس كل ذلك الثورة وحاولوا توظيفها لمصلحتهم .لذا لا عجب
أن يختار الكاتب أن تكون الخطيئة عنوان الرواية
على السلوك والطبيعة البشرية. وعتبتها ،وأن تتعدد لتصبح إحدى عشرة خطيئة
إن الجدل حول أخطر المسائل الفلسفية مثل البحث
عما إذا كان الكون محدو ًدا أم غير محدود ،والفكر لشخصية واحدة من شخصياتها ،بينما باقي خطايا
شخصياتها لا تعد ولا تحصى .إنها رواية الخطيئة