Page 37 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 37
تدور أحداث الرواية عقب أحداث ثورة يناير (ص )160لكن روحه كانت قد تيبست
2011وما تبعها من وقائع ،والتي تقف وتأبى السمو« ،فظل يحلم بأن تنحدر
منها الرواية موق ًفا ضبابًّيا ،وتعكس حالة هي لعالمه السفلي ،ويتخيلها مجرد غانية
التمرد الفردي والجمعي الذي كان المحرك أو فتاة ليل في بار إنجليزي»( .ص)163
وأنه «لا يمكن لروح فنان أن تسكن جسد
الأول لشخصياتها ،فنجد بعضها في حالة من جابر الونايسي ..لن ترتاح روح بسيط..
التمرد التاريخي الذي أشعل الثورة ،أو التمرد ستتمزق إر ًبا»( .ص )162لذا انتهى الأمر
بالونايسي إلى الاستسلام للعبة القدر
الميتافيزيقي ،حيث يتمرد الإنسان على حاله، وارتضى بوضعه الذليل في شقة أسيل ،ثم
نتيجة إحساسه بعبث الوجود ،حتى قد يصل إلى فقد الشعور والتبلد الحسي الذي جمد
كل مشاعره ،فبات يعيش «حياته القادمة
إلى العدمية المطلقة وإنكار القيم جمي ًعا بلا مشاعر ..سيعيش مثل جذع نخلة
أجوف»( .ص)168
ولا ندرى مصدر تلك الثقافة التي يتحدث
بها جابر رغم تعليمه المحدود ومهما كان
تأثير أميرة الفايد على ثقافته ،فنجده يتحدث عن
وحكمة فيلسوف»( .ص )89وترى أن «القانون المعري وبيكيت ودانتي وابن القارح والسيوطي
خلق لكي ُيخرق» ،وتنتشي بقهر ضحاياها أكثر من والمعتزلة ،ويردد عبارات وعظية ضخمة لا مبرر
لها ،إلا إذا كانت غايتها أن تسهم في رسم الصورة
سعادتها بما تجنيه من وراء ذلك .وفي ذات الوقت
تتماهى مع الموسيقى الراقية وترتاد الأوبرا وتقرأ العامة لشخصيته المتضاربة.
في الفلسفة وتتحدث عن الجمال الفني ومعاييره! وتمثل أميرة الفايد مثا ًل بيِّنًا في الرواية على نزعة
ورغم كل ذلك فأميرة الفايد شخصية معذبة تعاني التمرد ضد عبثية الواقع وتلاشي المعنى والجدوى.
الخواء رغم كل مظاهر الحضور المادي والبشري فهي مزيج مركب من الجمال والثراء والوحشية
حولها ،تحاول أن تهرب من الواقع المر خاصة والانتهازية والانحطاط القيمي وفي حالة ثورة
بعد أن صدمتها الحياة في وفاة أبيها ثم حبيبها دائمة على المعاني المجردة والقيم المطلقة كالخير
والشر والحق ،تنهج نه ًجا مكيافيليًّا ،وتوظف كل
سامح أنور مبك ًرا ،تلهث للإفلات من خوائها وسيلة في سبيل غاياتها ،وتعد ذاتها معيا ًرا لكل
الروحي وعذابها النفسي ،وتحاول الهروب من شيء ومرج ًعا لكل ثابت وقيمة ،فكل الثوابت عداها
خلال حفلات «الاكستازي» و»الخبوط» الماجنة متغيرات قابلة للمساومة ،وتسخر سطوتها الأنثوية
التي تقيمها بفيلتها بالتجمع الخامس وترقص فيها ومن حولها لتحقيق رغباتها العدوانية ،تتلاعب مع
شبه عارية ،أو الهروب في منطاد لعله يسمو بها كل القوى والتيارات العلنية والمجهولة ،حتى التي
تتعارض ومنطلقاتها الفكرية والاجتماعية كجماعات بعي ًدا عن عالمها المتردي ،فكلما «ارتفعت صغرت
فريستك في عينيك»( .ص ،)96وتنكفئ على متعها
التطرف الديني ،وتغلف كل ذلك بغلالة من الترفع
حتى اعتبرت أن «المتعة غاية الإنسان»( .ص)62
والسمو الطبقي .تخطف الأطفال للاتجار بهم
في سعي حثيث للبحث عن غاية وجدوى لحياتها وتقتل مخالفيها وتتعاون مع السياسيين ورجال
العبثية الخاوية. الدين والمخابرات وتجار المخدرات ،بل تحدث
البعض عن علاقة شاذة مع خادمتها الأجنبية ،حتى وأسيل -المنبتة أسر ًّيا -هي مثال آخر على تأكيد
نزعة العبث وخواء المعنى والتمرد ضد طبيعة وصفتها سعاد الممرضة بـ»الساحرة الشريرة»
الحياة الآلية ،فرغم ثقافتها ونشأتها الراقية، ووصفها جابر بأنها «تصعد الدرج بجسد مومس