Page 39 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 39

‫‪37‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

  ‫‪ -‬كل ما نفعله هنا مجرد لعبة‪ ..‬لا تسجن نفسك‬                 ‫حياته كلها وكأنها سلسلة من المشاهد العبثية‬
      ‫في أفكار سخيفة صكها غيرك‪ .‬اصنع لنفسك‬                                                 ‫واللاجدوى‪.‬‬

   ‫أفكا ًرا وقي ًما تلتزم بها أنت ولا ُتلزم بها غيرك»‪.‬‬  ‫وتناقش الرواية فكرة الخير والشر في إطار اختلال‬
                                     ‫(ص‪)137‬‬              ‫القيم والمعايير وبحث شخصياتها عن مغزى يبرر‬
                                                         ‫وجودها في مواجهة الحياة العبثية‪ ،‬خاصة بعد أن‬
 ‫وهكذا يتضح أن كل شخصيات الرواية ثائرة على‬
   ‫المعاني المجردة‪ ،‬كالمجد والشرف والحق والخير‬             ‫اختلط الأمر ولم تعد الصورة التقليدية للأشرار‬
                                                         ‫هي السائدة «الآن الاشرار يسيرون بيننا بملامح‬
‫والجمال‪ ،‬ويعكس هذا الشك ما ران على تلك المعاني‬          ‫تشبه ملامح الطيبين»‪( .‬ص‪ )104‬ففي عالم عبثي‪،‬‬
    ‫نتيجة للتردي المجتمعي والواقع المأزوم وتحلل‬          ‫اختلطت فيه المفاهيم لا وجود لقيم مطلقة «فالخير‬

‫المرجعية الدينية دون أن تحل محلها منظومة خلقية‬               ‫نسبي والشر أي ًضا ليس مطل ًقا»‪( .‬ص‪ )88‬بل‬
     ‫ولو بغاية نفعية للحفاظ على سيرورة الحياة‪،‬‬              ‫ترى أميرة الفايد أن الشر ضرورة لا يمكن أن‬
     ‫فتزعزعت الأسس الميتافيزيقية والعون الإلهي‬              ‫تقوم حياة روحية دون تصادم معه‪( .‬ص‪)24‬‬
                                                          ‫والأمر كله نسبي متغير «فما يكون خي ًرا للبعض‬
 ‫وتخلخلت القيم المتوارثة‪ ،‬في سعي محموم لإحلال‬           ‫ربما يكون ش ًّرا للبعض الآخر‪ ..‬الحرب التي توجد‬
     ‫الذات المستقلة محل كل مرجعية‪ ،‬بلا عون ولا‬            ‫المنتصر المنتشي‪ ،‬وتوجد أي ًضا المهزوم المنكسر»‪.‬‬
                                                         ‫(ص‪ )90‬وعندما سألها الونايسي عما ستفعله لو‬
 ‫سند ولا نصير‪ ،‬من أجل أن يصوغ الإنسان قدره‬
  ‫بنفسه‪ ،‬لكنه يعجز في النهاية عن الوصول لليقين‬                   ‫طلب أحد ما منه قتلها‪ ،‬ضحكت وأجابت‪:‬‬
‫أو إلى أساس متين ترتكن عليه حياته‪ ،‬عندما يدرك‬            ‫«‪ -‬لا تتردد‪ ..‬افعل يا جابر‪..‬هذا هو قانون اللعبة‪.‬‬
  ‫أن مركزه في الوجود في غاية الضآلة وأنه ريشة‬
                                                                    ‫‪ -‬لعبة‪ ..‬أية لعبة؟ هل تقصدين الشر؟‬
    ‫في مهب الرياح‪ ،‬فكان التشظي والتمرد والعبث‬                ‫‪ -‬لا يوجد شيء اسمه الشر‪ ،‬إنها مجرد لعبة‬
 ‫والخواء وأفول كل المعاني‪ ،‬فباتت كل الشخصيات‬
                                                                                       ‫نمارسها جمي ًعا‪.‬‬
   ‫تتخذ نزعة هروبية انسحابية وتتخبط في خطايا‬                                         ‫‪ -‬لعبة يا دكتورة؟!‬
                           ‫وهوات سحيقة قاتمة‬

                                                                     ‫الهوامش‪:‬‬

                     ‫‪ -1‬أحمد قرني‪ :‬إحدى عشرة خطيئة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النسيم للنشر والتوزيع ‪.2019‬‬
  ‫‪ -2‬جون كروكشانك‪ :‬ألبير كامي وأدب التمرد‪ ،‬ترجمة جلال العشري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصرية العاامة‬

                                                                           ‫للكتاب‪ 2005 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -3‬نعيم عطية‪ :‬مسرح العبث‪ ..‬مفهومه‪ -‬جذوره‪ -‬أعلامه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪2005 ،‬‬

                                                                                    ‫ص‪.20 -15‬‬
         ‫‪ -4‬الأرقام بين الأقواس داخل النص تشير لأرقام الصفحات في رواية «إحدى عشرة خطيئة»‪.‬‬

                           ‫‪ -5‬جون كروكشانك‪ :‬ألبير كامي وأدب التمرد‪ ،‬مرجع سابق ص‪.95 -94‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44