Page 44 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 44

‫العـدد ‪31‬‬   ‫‪42‬‬

                                                       ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

  ‫الساعات تتكتك‪ ،‬تدق حوافر رنانة‪ ،‬دقات تتدافع‬          ‫‪ -3‬التناسب بين تواقت الحكاية وواقع‬
   ‫كالأمواج»‪( .‬ص‪ )67‬ولعل هذا الحساب الزمني‬                       ‫الإحساس بالزمن‪:‬‬
 ‫هو السبب من وراء مجيء الشخصية إلى العجوز‬
  ‫الساعاتي حتى يكشف لنا لعبة المماثلة التخييلية‬        ‫وهو الأمر الذي يقودنا إلى تبيان الموازاة بين حكاية‬
   ‫في مؤشرات الرؤية للزمن المتعاضد في تشكلات‬                 ‫العجوز الساعاتي والإحساس بارتباط الزمن‬

                        ‫فواصل المحاور النصية‪.‬‬          ‫المبثوث من كلام العجوز نفسه‪ ،‬اقترا ًنا بالانطباعات‬
                                                         ‫التوقيتية الصادرة من تخالف وتفارق من مواعيد‬
           ‫تعليق القراءة‪:‬‬                                 ‫وحسابات زمن الساعات القديمة‪« :‬الخيول كانت‬
                                                         ‫تثير ضجي ًجا وغبا ًرا عندما يسحبونها من أعنتها‬
     ‫في الواقع التقديري الشخصي‪ ،‬وليس النقدي‪،‬‬              ‫إلى السفينة التي كانت تقف في نهاية إسكلة تمتد‬
    ‫أقول إن من أهم تجارب قصص الكاتب الكبير‬               ‫إليها من الضفة‪ .‬كانت السفينة تهتز وينعقد فوق‬
‫محمد خضير‪ ،‬أي ما بعد مجموعته الخالدة (المملكة‬             ‫رؤوسنا نثار التبن فيما ينادي السواس الخيول‬
    ‫السوداء)‪ ،‬هي نصوص (في درجة ‪ 45‬مئوي)‬
 ‫فهذه التجربة للأسف لم تحظ بذلك الوعي النقدي‬           ‫بأسمائها طالبين منها الهدوء حتى يكملوا ربطها في‬
 ‫الذي يؤهلها تنظير ًّيا وتطبيقيًّا‪ ،‬ولكن لربما نقادنا‬    ‫مرابطها‪ ..‬لم يكن الأمر سه ًل‪ ،‬فطيلة الرحلة كانت‬
 ‫في ظلالة وغفلة من الوعي عن فحوى دلالات هذه‬               ‫الأمواج أو سكون البحر غير المنظور يثير فر ًسا‬
‫المجموعة الساحرة‪ ،‬والتي هي أسمى ما كتبه المعلم‬            ‫من الأفراس أو يمرضها مما يستدعي أن يقضي‬
  ‫السردي الكبير محمد خضير في تجربة (الحكاية‬                ‫سائسها الليل معها رقيبًا أو مؤن ًسا»‪( .‬ص‪)64‬‬
                                                         ‫وبالمقابل من حكايات البحر‪ ،‬توافينا حكايات ذلك‬
      ‫البانورامية) في الأدب القصصي‪ ،‬وهذا الأمر‬           ‫المضيف المسقطي الذي كان يتدبر شؤون ضيافة‬
 ‫بدوره ما ينسحب على دلالات قصة موضع بحثنا‬                  ‫البحارة‪ ،‬تخبرنا القصة على أنه «رجل جبلي من‬
 ‫(ساعات كالخيول) لما يتوافر في أبعادها الصورية‬
                                                       ‫قبائل الجبال المواجهة للخليج‪ ..‬ثم إنه كان ساح ًرا»‪.‬‬
   ‫والدلالية والأسلوبية من أسرار الزمن باللازمن‬        ‫(ص‪ )64‬وفي ختام النص تكشف لنا وحدات القص‬
‫وذلك الانتقاء الدقيق لأهم وظائف مؤشرات الرؤية‬           ‫عن تسلم الشخصية المشاركة لساعته «أطبقت على‬
                                                       ‫الساعة راحة يدي‪ ،‬وأنصتنا للبحر يدوي في ساعات‬
     ‫الزمانية الكامنة في تشكلات فواصل الأنساق‬
   ‫والمحاور الداخلية والخارجية من فضاء علاقات‬             ‫القبو‪ ..‬القوام الرشيقة للخيول تجري في شوارع‬
                                                       ‫الميناء‪ ،‬وتخطف في زجاج الساعات الدقائق الكبيرة‪.‬‬
                         ‫النص القصصي المكين‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49