Page 45 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 45
43 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
رشا الفوال
صورة الذات المستلبة وُلعبة
«التمركز /التمدد»
في رواية «اختفاء السيد لا أحد»
رواية "اختفاء السيد لا أحد" ُكتبت وكأنها بلا تحديد ُمسبق ،مختزل ًة
الحضور البشري اعتما ًدا على دراما المونولوج الذهني؛ لفقدان الكثرة
فاعليتها في الحياة ،وإن كنا في ضوء المواجهة الحادة بين رؤية الكاتب
السردية والحدث الروائي نلاحظ اعتماده على وعيه اللغوي المعرفي
ليعبر عن الهامش والمسكوت عنه في طابع ُمضمر وفق مساحات زمنية
مختزلة تكشف السياق الصادم لتفاصيل الواقع الاجتماعي ،والإيحاء
بالانهزام الفحولي ،والذكورة المحرومة من صفة القيادة
ربما كان نات ًجا عن الشعور بالانهزامية ،وإعطاء قيم إذا افترضنا أن لكل نص أدبي ُسلطاته المعرفية التي
منخفضة للأهداف ،واللامبالاة التي ربما نعتبرها رد فعل
منها :سلطة القراءة ،والتلقي ،وسلطة التراث ،والسياسة،
منطقي لعدم الانتماء« ،فإذا أردنا أن نفهم الفرد؛ فإنه والدين والعلاقات الاجتماعية إضافة إلى سلطة الذات
يتوجب علينا أن نراه في سياق الحضارة التي تشكله»()3؛ المبدعة»()1؛ فالتخفي يمثل القاعدة الكبرى التي شكلت
انطلا ًقا من كون صورة الذات المستلبة جنسيًّا وعقائد ًّيا البنية النصية للرواية الحالية للكاتب أحمد طيباوي،
واقتصاد ًّيا ،تتضمن الإحساس بااللامعيارية الناجمة عن
غياب النسق المنظم للمعايير المجتمعية ،والعزلة كرد فعل الصادرة عن منشورات ضفاف والإختلاف عام 2019
بداية من عنونتها بـ»اختفاء السيد لا أحد» ،والذي ُيعد
منطقي لاغتراب الذات والتوقع المنخفض لإمكانياتها. المنطلق الرئيسي للتخفي النصي في صيغته الدرامية؛
فالبطل لا يسعى لاستبصار مكنونات الموضوع ،والتخفي
أو ًل :الصراع الدرامي بين الذات والموضوع
آلية دفاعية في مواجهة انهيارات الواقع ،فأصبحت
إذا افترضنا أن العناصر الدرامية في العمل الأدبي الحرية وه ًما زائ ًفا ،ذلك أن «المجتمعات وليدة التدجين
تتضمن :الحدث ،الصراع ،الحوار؛ فالرواية الحالية ُتخفي حرية بائسة»( ،)2وعليه فإننا في القراءة الحالية
تؤسس لغربة الذات ،ولا مكان محدد تنتمي إليه شخصية نسعى لتوظيف الرؤية النفسية لفهم ديناميات العملية
البطل الرئيسي الذي يعيش في الطابق الأخير ،ويمتلك
شرفة واحدة يجلس فيها ليتأمل تفاهة العالم ،ويرى الاجتماعية ،وما يكنه المكبوت في ساحة اللاوعي من
«الوحدة سيئة ومخالطة الناس أسوأ»؛ لذلك جاءت البنية حيث ارتباطه بالنماذج السلطوية؛ هذا من أجل البحث
في الأسباب المستترة لمثل هذا الشعور بالعجز الذي