Page 32 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 32
العـدد 31 30
يوليو ٢٠٢1
الأعضاء الأنثوية -كالثدي والأعضاء التناسلية -3الجسد كنص:
الخارجية -حم ًل ثقي ًل وجب التخلص منها كي
الجسد ليس كتلة صماء ولكنه جزء من الهوية
تتوافق الصورة الداخلية للجسد مع صورته الإنسانية والانعكاس الدال على هوية الإنسان
الخارجية. الفردية والجماعية ،والمرآة الظاهرية لما يبطنه
من معتقدات اجتماعية ودينية وثقافية وجنسية.
ومن ث ّم ،تصطدم الرواية مع تابو الجسد والدين يق ّدم الجسد (كنص) في هذه الرواية نو ًعا من
في الوقت ذاته ،فالجسد ،بوصفه كيا ًنا مق ّد ًسا الانزياح نتج عن المغايرة والتباين الشاسع بين
حدود الجسد المرئية (-النص المادي والطبيعي) أي
-بحسب الخطاب التقليدي -لا يجب التدخل في الصورة الأنثوية لـ(ر ّيان) -ومدلولاته المضمرة
تغييره وتصحيحه لأن ذلك يتعارض مع تابو (النص الثقافي) المتوالد عنه أي ما ُينجز خارج
الدين ،فيظهر صوت الخطاب الديني المتح ّجر حدود الجسد -أفعاله الذكورية .ينتج عن هذا
النوع من الانزياح مساحة ضبابية شديدة التوتر
متمث ًل في والد (ر ّيان) وزوج (نورة) بشأن قدسية والإرباك تدفع بالشخصية إلى مزيد من الاستلاب،
الجسد وربطها بقدسية خالقه ،ويبدو هذا الخطاب يقول (ر ّيان)« :أكو ُن وحدي في البيت ،فأسرع
أغلق باب الحمام ،أقف عارية أمام المرآة أنظر إلى
متناق ًضا في الوقت الذي يشرع فيه زوج (نورة) جسدي ،كأني أطلب من جسدي أن ينطق؛ ل ُيعينني
نفسه بإجراء عمليات تجميلية لابنه بسبب عيوب على معرفة نفسي؛ هل أنا فتاة أم ولد؟» فتتعطل
خلقية أي ًضا .وتبدو المفارقة والازدواجية في ذلك هنا الوظيفة الإشهارية للجسد أو بالأحرى ترسل
الخطاب المتح ِّجر برفض عمليات التصحيح رغم رسائل معلنة غير متجانسة مع معطياتها المضمرة،
التأكد من ذكورة (ر ّيان) ،بيد أن البديهيات الدينية تضع الشخصية الرئيسة على المحك بين المطالبة
تقول إن إبقاءه في النسق النسائي يعد من المخالفات بحق الحياة والوجود أو تحقير الذات وارتكاب
الشرعية .وعليه ،يمكن النظر إذن إلى رفض إجراء
(ر ّيان) عملية التصحيح الجنسي باعتباره محاولة الجريمة بحقها حال التسليم بالأمر الواقع.
من قبل المجتمع لزيادة الفجوة بين النص الطبيعي يرى المتلقي أن الكاتب قد تعامل مع الجسد كونه
والنص الثقافي للجسد ،وعدم خلق التوافق بين ن ًّصا يتم إزالة أجزاء منه وإضافة أجزاء أخرى
الاثنين ،الأمر الذي ينتج عنه مزي ٌد من التش ّظي ُبغية تقليل فجوة الانزياح والأجواء الضبابية؛
وكراهية هذا الجسد ،وعدم تقبله كونه عقبة تخلق فمشهد عملية بتر وإزالة الثديين ليس مجرد
المزيد من التوتر ،ومدعاة إلى الرغبة في التخلص محاولة للتخلص من ملامح الجسد الأنثوي ،وإنما
هو عملية تفكيكية لتدمير بعض أجزاء الجسد
منه؛ فكيف يت ّولد معنى من اللا معنى؟! وإعادة بنائه وتركيبه -إعادة إنتاجه -بما ُيلائم
يتوالد عن علامة الجسد المش ّوه على المستوى الهوية الجديدة ،ويناسب التصورات الذاتية عنه؛
يقول« :ساعدتني ممرضتان تمسكان بي ،لأعاين
جروحي في المرآة ..فجأة شعرت أنني تغيرت كثي ًرا،
صرت إنسا ًنا آخر ،ما ع ّدت ر ّيان الفتاة التي عشت
وعايشت مخاوف هواجسها! فجأة اختلط عليّ ما
يشبه أس ًفا حيال البنت التي كن ُت ،ومستني سعادة
غامرة بالولد الذي انتظرته روحي» .فأعضاء
الجسد ترسل شفرات ومدلولات بحسب وظيفتها،
وفي الرواية هنا تنتفي تلك الوظائف وتصبح