Page 170 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 170

‫العـدد ‪31‬‬                                              ‫‪168‬‬

                                                       ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

  ‫أكثر رحابة واتسا ًعا من عقل‬                                ‫مخلو ًقا ناق ًصا خاص ًة في‬   ‫فالنقصان هنا بمعنى محدود ّية‬
 ‫الرجل الذي لم نثبت له الكمال‬                                      ‫مقارنته بالرجل؟‬              ‫الصفات والقدرات‪ ،‬وليس‬

                  ‫بالأساس!‬                               ‫لماذا اعتبرنا تكليفات الشريعة‬    ‫معايرة تختص بنوع‪ ،‬خاصة إذا‬
    ‫فكيف خسرنا نصف طاقة‬                                 ‫نقا ًطا تضاف إلى رصيد التمييز‬
  ‫مجتمعنا عبر القرون؟ وكيف‬                                                                ‫وعينا أ ّن هذا النقص في العقل‬
   ‫استعذب ملايبن النساء ذلك‬                                              ‫الذكور ّي؟‬       ‫حاصل إذا ما قار ّناه بزيادة‬
  ‫عبر العصور؟ ما تلك الحاجة‬                               ‫ولماذا تقبّلت المرأة ذاتها ذلك‬
 ‫التي لبّاها ذلك الفهم العنصري‬                         ‫عن طيب خاطر بل ربطته بمدى‬          ‫في الح ّس العاطف ّي‪ ،‬أ ّي أن عقل‬
‫الإقصائي لتأويل ن ّص بريء من‬                             ‫تد ّينها وطاعتها ل ّل من جانب‪،‬‬    ‫المرأة هو عقل إنسان بالطبع‪،‬‬
 ‫تلك التأويلات؟! خاصة في ظل‬                            ‫وأدبها مع زوجها وخضوعها له‬
  ‫اختلاف البيئات والأزمان؟ ما‬                                                             ‫لكن داخل النوع الأنثوي تتعاظم‬
  ‫سر هذا التواطؤ الذي ارتضاه‬                                         ‫من جانب آخر؟‬
                                                         ‫سيقول قائل إن هناك مبدعات‬        ‫طاقات الحس العاطف ّي في النظر‬
           ‫الجاني والضحية؟‬                                ‫ومفكرات وناشطات يحاولن‬          ‫إلى معظم أمور الحياة‪ ،‬بل عادة‬
                                                          ‫و‪ ..‬سأقاطعه بالطبع‪ ،‬وأقول‬
         ‫(‪)3‬‬                                                                              ‫الح ُّس العاطف ُّي‬  ‫ما يسبق ذلك‬
   ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬                                           ‫له يا صديقي‪ ،‬هذه نماذج‬           ‫كأن نصف‬          ‫الوع َي العقليَّ‪.‬‬
                                                         ‫تعد وتحصى‪ ،‬ولدى بعضهن‬
    ‫عمرو الشيخ‬                                         ‫مشاكل جسام في محيط حياته ّن‬        ‫أحد الأثرياء بأنه ينقص في‬
                                                       ‫العائليّة‪ ،‬إن كانت النصوص حية‬      ‫امتلاك الأطيان الزراعيّة مقارن ًة‬
‫كتب ُت في مداخلتي الأولى أنني لا‬                       ‫فتأويلاتها هي سر حياتها‪ ،‬وإلا‬      ‫بامتلاكه عد ٍد كبي ٍر من المصانع‬
‫أريد أن أنزل َق إلى حديث نقصان‬                         ‫تح ّولت إلى حافظة ألفاظ معجمية‬                         ‫مث ًل‪.‬‬
                                                                                                ‫أما نقص الدين فهو لعلّة‬
 ‫عقل المرأة ودينها‪ ،‬وأشر ُت إلى‬                                  ‫تحنّط معنًى واح ًدا؟!‬
  ‫أبنتناضلعْيس ِفناه‪َ ،‬موعأنيريدنُتبأون نضت ِعهحاأوور‬    ‫النقص قد يفوق الكمال ولكن‬        ‫بيولوجيّة ليس للمرأة تقصي ٌر‬
‫بعي ًدا عنه‪ ،‬لكنك لم َتر َض بذلك‪،‬‬                      ‫عند المقارنة‪ ،‬فلو تخيلنا شخ ًصا‬     ‫فيها فتعاتب عليه أو تذم أو‬
   ‫وكأنك تشير ِمن طر ٍف َخفي‬                            ‫ما يمتلك قطعة أرض تبلغ ألف‬
    ‫‪-‬أو غير خفي‪ -‬أن الحديث‬                               ‫متر‪ ،‬اقتطعت الدولة منها مائة‬     ‫ُتعيّر‪ .‬فهو نق ٌص عدد ّي وليس‬
  ‫يش ّكل البِني َة الأولى‪ ،‬مع بعض‬                                                         ‫نق ًصا في اتجاه توصيف القيمة‬
   ‫آيات التنزيل‪ ،‬في سيادة تلك‬                               ‫متر فسوف تصبح أرضه‬            ‫أو التقوى أو قبول العمل من‬
                                                       ‫الناقصة تسعمائة متر‪ ،‬فماذا لو‬
           ‫الثقافة نحو المرأة‪.‬‬                          ‫قار ّناه بشخص آخر لديه قطعة‬                           ‫عدمه‪.‬‬
 ‫وور َد في مداخلتك الكريمة أنك‬                          ‫أرض كاملة تبلغ خمسمائة متر‬        ‫هذا أو ًل‪ ،‬وبده ّي أن نبيّنا الكريم‬
  ‫لا يمكن أن تغفل حدي َث النبي‬                         ‫لم ينتقص منها متر واحد‪ ..‬فمن‬           ‫لن يعيّر نساء الدنيا بما لم‬
                                                                                          ‫يقترفنه بسبب إهما ٍل منه ّن‪.‬‬
    ‫الكريم‪ ،‬كما َوردت الإشارة‬                             ‫منهما يمتلك القطعة الأكبر؟!‬
 ‫إلى عميق اعتقادك بصحتِه‪ ،‬أ َما‬                           ‫تما ًما كما فهمت يا صديقي‪،‬‬      ‫عليه‬  ‫ال ّل‬  ‫ص ّل‬       ‫أ ّما ثانيًا‪..‬‬
  ‫وأ ّن ذلك كذلك‪ ،‬فاسم ْح لي أن‬                         ‫نقص عقل المرأة أو نقص دينها‬                          ‫فحديث الرسول‬
 ‫نقف وقفة لعلها تكون الأخير َة‬                                                            ‫وسلّم لم ُي ِش ْر إلى المعنى المضاد‬
  ‫‪ِ -‬من ناحيتي على الأقل‪ -‬أمام‬                              ‫الوارد ذكرهما في الحديث‬        ‫الذي يستهوي العقليّة العربيّة‬
                                                          ‫الشريف لا يقارنان إلا بعقل‬      ‫المغرمة بمثل تلك الثنائيات عبر‬
         ‫الحديث‪ ،‬وأمام غيره‪.‬‬                               ‫ودين نفس المرأة في صورة‬
 ‫ُين َسب إلى النبي الكريم أنه قال‬                      ‫مطلقة لا يمكن أن تتوفر للبشر‪،‬‬      ‫التاريخ‪ .‬فالحديث لم يحمل‬
                                                           ‫ولا يصح مقارنتهما بحصة‬
    ‫«ال َجنَّ ُة َتح َت َأق َدا ِم الأ َّمهات؛‬            ‫الرجل بالضرورة‪ .‬فقد يكون‬        ‫أي معنى يشير إلى كمال عقل‬
                                                       ‫عقلها الناقص ذلك كما أوضحت‬
                                                                                          ‫الرجل‪ ،‬ولا إلى كمال دينه‪ .‬وهو‬

                                                                                          ‫غير مسؤول عن ركام الافتتان‬

                                                                                          ‫بأسر تلك الثنائية عبر تاريخها‪.‬‬

                                                                                          ‫السؤال‪ ..‬لماذا ركن العقل العرب ّي‬
                                                                                            ‫إلى اعتبار أ ّن التنو َع درجا ٍت؟!‬
                                                                                          ‫لماذا ت ّم النظر إلى المرأة باعتبارها‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175