Page 175 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 175

‫ُين َسب إلى النبي الكريم أنه قال "ال َجَّن ُة‬                              ‫الاقتصادي الاجتماعي بحذر؛‬
‫َتح َت َأق َدا ِم الأ َّمهات؛ َمن ِشئن أ ْد َخلن‪ ،‬و َمن‬                     ‫فما تعانيه المرأة ماثل أمامنا في‬
  ‫ِشئن أ ْخَرجن"‪ .‬و ُين َسب إليه أي ًضا أن جاءه‬
‫أح ُدهم في جماعة‪ ،‬فقال يا رسول الله‪ ،‬أرد ُت‬                                             ‫مختلف الطبقات‪.‬‬
‫أن أغز َو‪ ،‬وقد جئت أستشيرك‪ .‬فقال‪ :‬هل لك‬                                     ‫أما إشارتك إلى العامل الجنسي‬
‫أ ّم؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فالزمها فإن الجنة تحت‬
                                                                                ‫فهي تابو محكم الإلغام لا‬
  ‫ِرجليها‪ .‬ورغم أن عد ًدا ِمن العلماء قاموا‬                                 ‫تستطيع المرأة العربية الاقتراب‬
‫بتضعيف الحديثين‪ ،‬إلا أنهم لم يستطيعوا‬
                                                                               ‫منه ولو في الإطار الشرعي‬
‫أن يقتربوا من حديث نقصان العقل والدين‪،‬‬                                                    ‫المتعارف عليه‪.‬‬

     ‫هل تساءل َت معي من قبل لماذا؟!‬                                              ‫من هنا أريد أن أسألك يا‬
                                                                            ‫صديقي‪ :‬ألا ترى نساء كثيرات‬
   ‫ويتمنى‪ ،‬د ْعنا من استثناءات‬         ‫لكنه يظل متعل ًقا عندها بالسلطة‬
  ‫قليلة تؤكد القاعد َة ولا تنفيها‪،‬‬        ‫الذكورية التي فرضها ‪-‬وما‬              ‫حريصات على ذلك القمع؟‬
 ‫فإذا تركنا هذه النقط َة واتجهنا‬                                                ‫ألا ترى بين بعض المثقفين‬
                                       ‫يزال يفرضها‪ -‬التراث‪ ،‬والرجل‪،‬‬             ‫وبعض الفئات الاجتماعية‬
   ‫إلى طبيعة مكانة ومنزلة تلك‬                            ‫والمجتمع‪.‬‬           ‫المرموقة والميسورة اقتصاد ًّيا‬
      ‫المرأة المحبوبة والمعشوقة‬                                                 ‫نفس التهميش والإقصاء؟!‬
                                       ‫والحقيق ُة أن سياقا ِت فرض هذه‬       ‫أنا لا أنكر أثر الماضي‪ ،‬ولا أنكر‬
‫والمطلوبة‪ ،‬التي تبدو في القصيدة‬          ‫السلطة تعود كلها إلى التراث‪،‬‬      ‫أثر فهم النصوص الدينية لكنني‬
 ‫مثا ًل أو نموذ ًجا معنو ًّيا مجر ًدا‬    ‫فلو لم يكن تراثنا حيًّا وقاد ًرا‬    ‫أريد أن أسترفد بعض الروافد‬
     ‫للحب أو الجمال‪ ،‬لكنه هو‬
    ‫الش َرك الذي ينصبه الصياد‬          ‫على إنتاج نفسه مرا ٍت ومرات َ َلا‬                       ‫لفكرتنا‪.‬‬
   ‫للفريسة‪ ،‬فلن يخطيء قاريء‬            ‫كان الوضع القائم الآن على هذه‬         ‫وبخاصة رافد المرأة موضوع‬
‫تراث الغزل العربي غرا َم الرجل‬                                               ‫قضيتنا التي أسهمت بجهد لا‬
 ‫بالناقة التي يمتطيها‪ ،‬وبالف َرس‬                   ‫الحالة التي نراها‪.‬‬
 ‫التي يركبها‪ ،‬مع ضرورة تذ ّكر‬            ‫وإذا كن ُت قد ذكرت فيما َسبق‬             ‫ينكر في وضعها الحالي‪.‬‬
    ‫أن الناقة والفرس كانتا كنز‬
‫العربي وفخ َره‪ ،‬وأغلى ما يمتلك‪،‬‬            ‫أن العامل الجنسي هو أهم‬                  ‫(‪)7‬‬
  ‫وبدا طبيعيًّا للجميع ‪-‬دون أن‬            ‫وأخطر عوامل تسيّد السلطة‬            ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬
                                        ‫الذكورية‪ ،‬فلا شك أنه يبدأ منذ‬
‫يبدو غريبًا أو مده ًشا‪ -‬أن يعتقد‬          ‫اللحظة التي استشعر ْت فيها‬            ‫عمرو الشيخ‬
    ‫الشاعر العربي أن مقاييس‬                ‫المرأة العربية أنها محبوبة‪،‬‬
                                       ‫ومعشوقة‪ ،‬ومطلوبة‪ ،‬باستخدام‬              ‫سأل َتني إن كنت أرى بعض‬
  ‫الجمال في الدابة التي يمتطيها‬        ‫اسم المفعول وليس اسم الفاعل‪،‬‬               ‫المثقفين‪ ،‬وبعض الفئات‬
 ‫هي نفسها مقاييس الجمال عند‬                ‫فمعظم ما وصلنا من تراث‬
 ‫المرأة التي يتغزل فيها‪ ،‬ومن ثم‬                                                 ‫الاجتماعية الميسورة تعمل‬
                                            ‫الغزل العربي كان الشاعر‬                ‫وتك ّرس لتهميش المرأة‬
                                        ‫الذ َكر هو الذي يكتب ويشتهي‬
                                                                             ‫ولإقصائها‪ ،‬وسأل َتني إن كنت‬
                                                                           ‫أرى نساء كثيرا ٍت حريصا ٍت على‬

                                                                                  ‫التكريس للنظرة نفسها‪.‬‬
                                                                                 ‫والجواب‪ :‬نعم‪ ،‬أرى ذلك‬
                                                                                ‫وأرصده‪ ،‬وإ ْن بدا مفهو ًما‬
                                                                               ‫بالنسبة للطبقات الميسورة‪،‬‬
                                                                              ‫ولبعض المثقفين‪ ،‬إلا أنه ليس‬
                                                                                 ‫مفهو ًما عند المرأة نفسها!‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180