Page 176 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 176

‫العـدد ‪31‬‬                                 ‫‪174‬‬

                                                             ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                            ‫تتضح الصورة شيئًا فشيئًا‪،‬‬
                                                                                                    ‫فوظيفة الناقة أو الفرس أن‬
        ‫(‪)8‬‬                                                    ‫ذلك أن أصبح َت تتناول فاكهة‬        ‫تبلغ بالعربي غاي َته‪ ،‬ولا يمكن‬
  ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬                                              ‫المانجو أو اللحوم لي َل نهار‪ ،‬ما‬   ‫تذليلها بالوصول إلى الغاية إلا‬
   ‫أشرف البولاقي‬                                               ‫الذي سيحدث لك ولاشتهائك؟‬           ‫عن طريق امتطائها أو ركوبها‪،‬‬
                                                                                                 ‫وغاي ُة الرجل من المرأة أن تصل‬
 ‫أتص ّور ‪-‬ولو من وجهة نظري‬                                      ‫بالتأكيد ستفقد رغبتك شيئًا‬         ‫به إلى غايته من الحب والو َله‪،‬‬
      ‫المتواضعة‪ -‬أ ّننا في عالمنا‬                                 ‫فشيئًا‪ ..‬أليس كذلك؟ بلى‪..‬‬
                                                                  ‫كلنا ج ّربنا تلك الحالة فيما‬         ‫ف ُت َرى كيف يم ِكنه ذلك؟!‬
‫االلمثع ّقرفبي ّين أعنّيدمقا يضتيّب ٍةنّ تى اخلكّثصيرحقمونق‬                                       ‫ومثلك‪ ،‬ومثل ق ّرائنا‪ ،‬لن يكون‬
  ‫المرأة‪ ،‬فإ ّن هناك أسا ًسا ثابتًا‬                             ‫ن ِحب ونرغب‪ ،‬أو فيما نشتاق‬        ‫عسي ًرا عليك أو عليهم استدعاء‬
  ‫بمثابة التابوه لم يفكر أح ٌد في‬                                               ‫ونشتهي‪.‬‬            ‫مئات العبارات الدالة على تلك‬
  ‫تجاوزه أو كسره أو معالجة‬                                                                         ‫العلاقة التي ربطت بين الدابة‬
                                                                ‫َحسنًا‪ ،‬ما بال العربي القديم‬        ‫والمرأة في تراثنا العربي‪ ،‬من‬
‫القضية بدونه‪ ،‬هذا الأساس هو‬                                        ‫الذي ظل حيا َته كلها وهو‬       ‫قبيل «تذليل أو ترويض المرأة»‬
                 ‫«المساواة»!‬
                                                              ‫أسير الصحراء‪ ،‬وأسير علاقته‬              ‫وغيرها من الكلمات التي‬
‫ابتدا ًء‪ ،‬لعلّنا نتفق على أن العد َل‬                           ‫المتوترة المضطربة بالمرأة قبل‬       ‫كانت تستخ َدم جذ ًرا ومعج ًما‬
‫شي ٌء‪ ،‬والمساوا َة شي ٌء آخر‪ ،‬ولا‬                              ‫الإسلام‪ ،‬أن فتح الله عليه بعد‬
                                                                ‫ذلك بكثرة الفتوحات‪ ،‬وكثرة‬            ‫واصطلا ًحا في التعامل مع‬
  ‫يوجد ارتبا ٌط شرط ٌّي بينهما‪،‬‬                              ‫السبي‪ ،‬وتعدد الجواري والإماء‪،‬‬       ‫الدابة‪ ،‬لكنها انتقلت بقدرة قاد ٍر‬
   ‫بل قد تكون المساوا ُة في ح ِّد‬                                ‫ما باله لم يشبع ولم يرت ِو؟!‬
‫ذاتها ضر ًبا من ضروب الظلم‪،‬‬                                   ‫ليس ِمن علامة استفها ٍم كبرى‬          ‫إلى فضاء التعامل مع المرأة‪.‬‬
‫والأمثلة على ذلك كثيرة‪ :‬كإنفاق‬                                   ‫في تاريخ علاقة ن َهم العربي‬        ‫كان يمكن لكثير من هذا أن‬
 ‫الأب على ابنه المريض أضعاف‬                                   ‫وجوعه للمرأة جنسيًّا‪ ،‬مثل تلك‬         ‫يتغير بمرور الوقت‪ ،‬بمجيء‬
                                                              ‫العلامة! إذ كان متوق ًعا في فترة‬
      ‫ما ينفقه على ابنه المعافى‪.‬‬                             ‫التدوين تلك أن يكون العربي قد‬              ‫الإسلام وثورته‪ ،‬بكثرة‬
   ‫المساواة ليست ظل ًما فقط في‬                                 ‫َشبع وروى ظمأه‪ ،‬أن تتحول‬          ‫الفتوحات‪ ،‬بالاحتكاك مع الآخر‬
 ‫الحقوق‪ ،‬بل يزداد الأمر سو ًءا‬                               ‫المرأة في عينيه إلى (إنسان) مثله‪،‬‬
    ‫في التكليفات والواجبات إذا‬                                                                      ‫والتواصل مع الأجنبي‪ ،‬لكن‬
‫ت ّمت على إطلاقها دون النظر إلى‬                                  ‫لقد ذاق البيضاء والسمراء‪،‬‬         ‫المشكلة أو الأزمة أن التدوين‬
    ‫القدرات والميول والطاقات‪.‬‬                                   ‫وضاجع الفارسي َة والرومية‪،‬‬          ‫العربي (وهو حد ٌث جلل في‬
    ‫لذلك فنحن ‪-‬أعني المهتمين‬                                  ‫وقضى وطره ما شاء له الأرب‬
  ‫بقضايا المرأة رجا ًل ونسا ًء‪-‬‬                                  ‫والقضاء‪ ،‬فكيف استمر على‬             ‫ثقافتنا) قام به رجال‪ ..‬هل‬
  ‫تطرقنا وخصو ًصا منذ القرن‬                                  ‫شب ِقه؟ هذه الحالة تبدو مناقض ًة‬      ‫سمعت بكتا ٍب واح ٍد من كتب‬
‫العشرين في نقاش حقوق المرأة‬                                                                      ‫التفسير أو ال َمغازي كتبته امرأة؟‬
                                                                      ‫تما ًما لطبائع الأشياء‪.‬‬      ‫دعنا من التفسير؛ فلعله يشق‬
         ‫من منطلق المساواة‪.‬‬                                     ‫ربما كانت الإجابة في المقدس‬      ‫عليهن‪ .‬هل َسمع َت بكتاب واحد‬
   ‫ولم نضع في تص ّورنا ‪-‬ولو‬                                     ‫الذي انشغل به العربي أثناء‬        ‫في الأدب أو اللغة كتبته امرأة؟‬
  ‫على سبيل الاحتمال‪ -‬أ ّن تلك‬                                ‫فترة التدوين‪ ،‬وهو المقدس الذي‬          ‫(أح ّدثك عن فترة التدوين)!‬
    ‫المساواة ربما غير موجودة‬                                   ‫انشغل به الرجال دون النساء‬         ‫الآن‪ :‬أريد أن أضرب لك مث ًل‪،‬‬
   ‫بالأساس‪ ،‬وأ ّن الذين سل َبوا‬                                  ‫(علينا أن نتذكر هذا دائ ًما)‪.‬‬     ‫وأهيب بك أن تظنه بعي ًدا عن‬
  ‫المرأ َة حقو َقها لم يكونوا أعداء‬                             ‫أ َّما عن علاقة المقدس هذا بما‬   ‫سياقنا‪ ،‬هو قري ٌب ج ًّدا‪َ .‬هب أنك‬
 ‫للمساواة إنما أعداء للإنسانيّة‪،‬‬                             ‫نقوله ونتناوله‪ ،‬فأظنه من الممكن‬      ‫ت ِحب فاكهة المانجو وتشتهيها‪،‬‬
                                                             ‫أن أتحدث فيه معك فيما هو آ ٍت‬          ‫َهب أنك مغر ٌم باللحم طعا ًما‬
                  ‫للحريات‪.‬‬
  ‫نحن أي ًضا غفلنا عن أ ْن نض َع‬                                                   ‫بيننا‪.‬‬            ‫ومو َل ٌع بتناوله‪ ،‬و َحدث بعد‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181