Page 178 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 178

‫العـدد ‪31‬‬                                  ‫‪176‬‬

                                                                                                                                                                        ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                           ‫أح َد أه ّم الأسباب في أن يستمر‬
                                                                                                                                                                                                              ‫جو ُعه ونهمه حتى يو ِمنا هذا‪،‬‬
          ‫ذلك مما نعرفه الآن‪.‬‬                                                                                                                                               ‫التواصل والاحتكاك نفسه‪،‬‬
   ‫يمكن الآن فهم كيف استقبل‬                                                                                                                                                ‫بمعنى أن الفاعل هنا هاديء‪،‬‬           ‫وإنه بالتالي أ ّثر على الموقف‬
   ‫العربي المسلِ ُم آيا ِت الخطاب‬                                                                                                                                          ‫ليس ثائ ًرا ولا مهتا ًجا‪ ،‬يمكن‬      ‫الفكري والثقافي والاجتماعي‬
  ‫القرآني التي تح ّدثه عن المرأة‪،‬‬                                                                                                                                        ‫أن يقف ليسأل نفسه‪ ،‬يمكن أن‬
   ‫سيكون الأمر هينًا قلي ًل أمام‬                                                                                                                                        ‫يعيد النظر في شيء مما يصنع‪..‬‬            ‫له تجاه المرأة‪ ،‬وتح ّول هذا‬
  ‫آيات الزواج والإرث‪ ،‬لكنه لن‬                                                                                                                                             ‫دوافعه النفسية مختلفة تما ًما‪.‬‬    ‫الموقف إلى جزء من طبيعة أبنائه‬
                                                                                                                                                                         ‫بينما فكرة الغزو والجهاد فيها‬
     ‫يكون هينًا ولا يسي ًرا أمام‬                                                                                                                                           ‫ما فيها من الصراع والرغبة‬         ‫وأحفاده باعتباره موق ًفا ثقافيًّا‬
   ‫الآيات التي تح ّدثه عن الحور‬                                                                                                                                            ‫في الغلبة والانتصار السريع‪،‬‬        ‫اجتماعيًّا ش ّكل ِبني َته المعرفية‪،‬‬
   ‫العين‪ ،‬تلك الآيات التي تل ّقاها‬                                                                                                                                       ‫ومن ثم التجاوزات المريعة التي‬        ‫حتى إنك لتجد المثق َف والمبدع‬
‫تلقيًا شفاهيًّا‪ ،‬والتي َفتحت أمامه‬                                                                                                                                        ‫تراق فيها الدماء‪ ،‬و ُتز َهق فيها‬   ‫العربي المعاصر‪ ،‬يندهش كثي ًرا‬
  ‫أبوا ًبا جديدة من اللذة والمتعة‬                                                                                                                                         ‫الأرواح‪ ..‬ولعل أح ًدا لن يمتلك‬     ‫من أي كلام حول حرية المرأة‪،‬‬
   ‫لم يذقها من قبل‪ ،‬ولقد أجزم‬                                                                                                                                            ‫وقاحة أن ين ِكر هنا أن تاريخنا‬     ‫أو حول الحديث عن أنها ليست‬
  ‫لك أن ما ذاقه من لذائ َذ ومت ٍع‬                                                                                                                                       ‫العربي الإسلامي َشهد كثي ًرا من‬
 ‫إ ّبان غز ِوه وجهاده وفتوحاته‪،‬‬                                                                                                                                           ‫هذه التجاوزات‪ ،‬ولعل أكثرها‬                        ‫محل شهوة!‬
  ‫كان محاول ًة منه للاقتراب من‬                                                                                                                                            ‫شيو ًعا ما ُين َسب للنبي الكريم‬     ‫أ َّما تفسير علاقة المقدس بهذا‬
‫المثال الأكبر الذي ينتظره بفارغ‬                                                                                                                                         ‫نف ِسه عندما رفع يديه يتبرأ مما‬      ‫الذي نذهب إليه‪ ،‬فيمكن بتأمل‬
  ‫الصبر في آخر ِته يوم القيامة‪،‬‬                                                                                                                                         ‫َصنع خالد بن الوليد! وهو مثا ٌل‬     ‫مسألت ْين‪ ،‬الأولى فكرة الغزو أو‬
‫ذلك النموذج أو المثال الذي كان‬                                                                                                                                            ‫بسيط وصغير لا يقاس بحجم‬            ‫الجهاد أو الفتوحات‪ ،‬والأخرى‬
   ‫مدر ًكا لولع العربي بالجنس‬                                                                                                                                              ‫ما ارت ِكب من مذاب َح ومجازر‬      ‫فكرة التلقي الشفاهي للخطاب‬
                                                                                                                                                                           ‫لا علاقة لها بالدين‪ ،‬بقدر ما‬
     ‫للدرجة التي أشار فيها إلى‬                                                                                                                                           ‫هي متعلقة بالبشر المنتمين لهذا‬                        ‫القرآني‪.‬‬
   ‫نوعية النساء اللائي ينتظرنه‬                                                                                                                                                                                     ‫إن فكرة الجهاد والغزو‬
   ‫بن ِّصه على أنه أنشأهن إنشا ًء‬                                                                                                                                                            ‫الدين‪.‬‬            ‫والفتوحات تختلف تما ًما في‬
    ‫َف َجعلهن أبكا ًرا‪ ،‬كما أنهن لم‬                                                                                                                                     ‫وهو ما يج ّرنا إلى المسألة الثانية‬     ‫منطلقاتها ودوافعها النفسية‬
  ‫يطمثهن إن ٌس قبلهم ولا جان‪،‬‬                                                                                                                                                                                 ‫عن غيرها من أفكار السيطرة‬
‫بل إنه وهو يتحدث عن الرسول‬                                                                                                                                                ‫المتعلقة بفكرة التلقي الشفاهي‬        ‫أو حتى التواصل مع الآخر‪،‬‬
‫الكريم وعن تبديل زوجاته‪ ،‬قال‬                                                                                                                                              ‫للخطاب القرآني‪ ،‬ولعلك تذكر‬             ‫فالتواصل مع الآخر‪ ،‬بأي‬
‫إَِفتِّماينن ِئ َُكب َا َّطنسلٍَّتَوق ُمُركَعْةَّانسلِبِا َأََلدمااتن ٍٍحتتُي ْرب ُّيَِدم َسلْمؤاُه ِِئم«َأَنَ َاحْعزا ٍََوتسات ٰ َ»ًقىج‪،‬اا ِنَرَتوَُّابخكُهْيٍأت ًران‬                                        ‫غرض حتى لو كان السيطرة‪،‬‬
 ‫كل هذه الصفات ليست كافية‪،‬‬                                                                                                                                                  ‫معي ما كان ولا يزال يدور‬         ‫لو تم بطريق التجارة مث ًل‪ ،‬أو‬
‫ليضيف إليها قوله تعالى « َثيِّ َبا ٍت‬                                                                                                                                       ‫في أذهاننا ونحن نقرأ تراثنا‬       ‫بطريق طلب العلم‪ ،‬أو بطريق‬
                                                                                                                                                                         ‫الإسلامي من تساؤلنا كيف لم‬             ‫المصاهرة والنسب‪ ،‬أو حتى‬
                   ‫َو َأ ْب َكا ًرا»!‬                                                                                                                                      ‫يسأل الصحابة الرسو َل عن‬          ‫بالطرق الحديثة التي يس ّمونها‬
    ‫وإذا أرد َت تأكي ًدا على ذلك‪،‬‬                                                                                                                                       ‫معنى آية كذا‪ ،‬أو تأويل آية كذا؟‬      ‫الناعمة بغرض استعمار الآخر‬
                                                                                                                                                                          ‫يبدو الأمر غريبًا ج ًّدا‪ ،‬كيف لم‬    ‫أو احتلاله‪ ،‬كلها تنطلق نفسيًّا‬
       ‫يمكنك النظر إلى الجهود‬                                                                                                                                                                                ‫بهدوء وتد ّبر‪ ،‬تنطلق ودوافعها‬
‫والاجتهادات الحديثة والمعاصرة‬                                                                                                                                                             ‫يتساءلوا؟‬               ‫النفسية فيها من الحكمة‬
 ‫التي تنظر إلى الخطاب القرآني‪،‬‬                                                                                                                                               ‫هنا فقط يمكننا فهم آليات‬       ‫والسلام الداخلي ما فيها‪ ،‬بغ ّض‬
                                                                                                                                                                           ‫التلقي الشفاهي التي لا شك‬             ‫النظر هنا عن النوايا‪ ،‬وهو‬
    ‫والتي تحاول جاهد ًة إثبات‬                                                                                                                                              ‫أنها تختلف اختلا ًفا كليًّا عن‬      ‫ما ينتج قدرة على فهم الآخر‬
       ‫أن للحور العين دلالا ٍت‬                                                                                                                                            ‫آليات التلقي للخطاب المكتوب‬       ‫والنظر إليها بشكل علمي‪ ،‬الأمر‬
                                                                                                                                                                        ‫الذي يعني التدب َر‪ ،‬وإعادة النظر‪،‬‬    ‫الذي ينعكس على القائم بفكرة‬
                                                                                                                                                                          ‫والوقو َف عند السياق‪ ،‬وما إلى‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183