Page 182 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 182

‫العـدد ‪31‬‬                                        ‫‪180‬‬

                                     ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

    ‫وطوفان المتص ّوفة الذين لا‬               ‫لكننا لم نتوفر بالدرس‬      ‫الغيبيات والخرافات والأساطير‬
     ‫تخلو منهم قرية أو مدينة‪،‬‬         ‫الموضوع ّي لنعيد للأزهر حجمه‬
 ‫وأسلوب إدارة الحكم العرب ّي‪..‬‬                                          ‫احتلت مساحات شاسعة من‬
‫كلها سبل أدت إلى تغييب إعمال‬             ‫الأرضي علميًّا لا السماوي‬
 ‫العقل العرب ّي فاستق ّرت خطايا‬       ‫سلط ًة‪ .‬ودوره كمؤسسة علمية‬        ‫وعي الإنسان وذائقته وفكره‬
  ‫كثيرة في ظل المقدس والتقاليد‬       ‫عليها أن تسابق الزمن لا تواكبه‬
‫والخصوصية الشرقية والوطنية‬                                              ‫ووجدانه‪ ،‬ومن ثم سيطرت على‬
    ‫ومنها النظرة الظالمة للمرأة‪.‬‬                         ‫فحسب‪.‬‬
‫يمكننا ‪-‬أو يمكنني‪ -‬في المقالات‬            ‫مع الوضع في الاعتبار أن‬       ‫تفاصيل حياته بصورة مريبة‬
     ‫القادمة بإذن الله أن نتتبع‬      ‫الإسلام سابق عليها بخمسمائة‬
 ‫مظاهر هذا الظلم في ظل الوعي‬                                            ‫سواء فيما يتعلق بالمقدس أو‬
‫المأزوم المحصن قداسة ووطنية!‬                               ‫سنة‪.‬‬
                                     ‫أيضا وبكل وضوح فإن الإرادة‬         ‫غيره‪ ،‬أي أنها عقلية ‪-‬للأسف‪-‬‬
        ‫(‪)13‬‬                           ‫السياسية في بلادنا أو الإدارة‬
   ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬                                                       ‫مهيأة للتغييب‪ ،‬ومحبة للخوارق‪،‬‬
                                       ‫والتي غالبًا ما تكون عسكرية‬
     ‫عمرو الشيخ‬                           ‫وتلك النوعية وثيقة الصلة‬          ‫ولأي شيء غير منطق ّي‪.‬‬
                                                                        ‫كثير من العرب يسعد ويفتخر‬
 ‫سيظل السؤال عن موقف المرأة‬          ‫بدوائر السلطة الدينية وكلتاهما‬
‫ِمن قضاياها هو الأكثر غمو ًضا‬          ‫تعمل على إنتاج المواطن المنبهر‬   ‫عندما يحدثك عن نجاحاته في‬
 ‫وإلغا ًزا؛ فإذا كان موقف الرجل‬       ‫المطيع المقيد بطاعة الدين ممث ًل‬
‫مفهو ًما في ظل محاولتِه المحافظة‬      ‫في رجاله الأوصياء على مفاتيح‬      ‫أمر ما كقيادة السيارات أو‬

    ‫على السيادة الذكورية التي‬            ‫الجنة والنار‪ ،‬وطاعة الوطن‬      ‫السباحة وأنه لم يدرسه ولم‬
   ‫َمنحته إياها الثقاف ُة والمقدس‪،‬‬     ‫ممث ًل في رجاله الأوصياء على‬     ‫يتعلّمه لكن براعته هكذا فطرية‬
 ‫وفي ظل سيطرته هو على عملية‬
‫التأريخ والتدوين وما صا َحبهما‬                      ‫الوطنية أي ًضا!‬     ‫ضد القوانين‪ ،‬بالإلهام والعلم‬
  ‫ِمن إفرازات‪ ،‬فإ َّن موقف المرأة‬      ‫الأديب والمثقف العربي في ظل‬      ‫اللد ّني ويكفي أن تحصي عدد‬
    ‫التي استعذبت ‪-‬وما تزال‪-‬‬
   ‫دوني َتها واعتبار ذا ِتها درج ًة‬     ‫هذا الظرف ليس إلا شخ ًصا‬        ‫المتصوفة في مجتمعنا!‬
                                            ‫يخاطب المجهول أحيا ًنا‪،‬‬
          ‫ثانية‪ ،‬موق ٌف غريب‪.‬‬                                           ‫ويزداد الأمر سو ًءا وضراوة‬
      ‫وبالطبع نحن نتحدث هنا‬            ‫والمحدود ج ًّدا حينًا‪ ،‬وللأسف‬    ‫حين يتماس فهم الإنسان‬
      ‫عن الحالة العامة للنساء‪،‬‬         ‫كثير مما يردده وينادي به لا‬
      ‫فالاستثناءات القليلة التي‬                                            ‫مع الدين‪.‬‬  ‫افلكعمرب ُق ّيِمعلأتيالمفرعأةل‬
‫ظهرت في التاريخ‪ ،‬والتي تمثلها‬            ‫يطبقه في حياته الشخصيّة‪.‬‬       ‫وانتهكت باسم‬
     ‫بعضهن في حياتنا الحديثة‬             ‫حتى أحاديث النخب المثقفة‬
  ‫والمعاصرة‪ ،‬لا تشكل طعنًا في‬         ‫عن المرأة مساواة أو إنصا ًفا لا‬   ‫فهم الفقهاء للنص‪.‬‬
‫الملمح العام لموقف المرأة العربية‬    ‫ترقى أن تتعدى حدود المؤتمرات‬
‫التي يمكنها ببساطة أن تناقشك‬             ‫المغلقة التي توجه توصيات‬       ‫أي ًضا الإنسان الغرب ّي كان‬
‫وأنت تدافع عنها وعن قضاياها‬          ‫خرافية مق ّدسة في حتمية قولها‪،‬‬     ‫صري ًحا صاد ًقا غير ممالئ‬
   ‫قائلة‪« ،‬احنا ربنا خلقنا كده‪،‬‬       ‫ومكدسة مكررة ولا أحد معن ّي‬       ‫أو مداهن حين واجه سلطة‬

                                                ‫بتتبعها أو تطبيقها‪.‬‬     ‫الكهنوت‪ ،‬لكن الأمر لدينا أكثر‬
                                        ‫لن تكون البداية لدينا كبداية‬    ‫تعقي ًدا؛ فالأزهر مث ًل نضعه‬
                                        ‫الغرب ّي‪ ،‬فأمامنا مصدات من‬      ‫في مواجهة مع الجماعات‬
                                      ‫جماعات متطرفة حصر البعض‬
                                                                        ‫المتطرفة ونعتبره تابو ًها لا يمكن‬
                                           ‫فيها سبب الأزمة غفل ًة أو‬    ‫الاقتراب منه وانشغلنا بالنظر‬
                                         ‫تغاف ًل‪ ،‬وتناسى الكثير دور‬
                                          ‫الأزهر الذي تراجع كثي ًرا‪،‬‬    ‫إليه إحدى نظرتين‪:‬‬

                                                                        ‫إما أنه صمام الأمان ضد‬

                                                                        ‫الجماعات المتطرفة‪ ،‬ولا أدري‬

                                                                        ‫ماذا ستكون قيمته لو انتهى‬

                                                                                      ‫خطرها؟!‬

                                                                        ‫وإما أنه يسهم في إنتاج بعض‬
                                                                        ‫العقول المتكلّسة التي تنبئ‬

                                                                        ‫عن إشارات متط ّرفة تتحسس‬
                                                                          ‫خطاها‪ ،‬تنتظر من يتل ّقفها‪.‬‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187