Page 183 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 183
181 الملف الثقـافي
لكن المدهش أنه بمرور ال ِح َقب مثقفي أهل الكتاب ،يأخذ ناقصات عقل ودين»!
والأزمان ،ش ّك الرجال ،وتر ّددوا منهم قصصهم ومعلوما ِتهم ويأخذ هذا التكريس عند المرأة
باعتبارهم أكثر عل ًما بالدين أشكا ًل وأنما ًطا متعددة بعي ًدا
في قبول كل ما ُظ َّن أنه ثوابت وخبر ًة بالنب ّوات ،ومنذ طال َع
ومسلّمات ،فانطلقوا على التوراة يستكشف فيها قصة حتى عن الاستشهاد بالنص
الديني ،وهو ما يمكن أن تلتقطه
استحياء أو ًل يعيدون النظر، آدم وحواء في الجنة ليجد
ويفكرون ،ولعلك ستلاحظ أن تفسي ًرا أو تأوي ًل لمشكلات ن ِّصه بسهولة في ممارسات الحياة
ترف إعاد ِة النظر والتفكير كان الاجتماعية العامة ،خاص ًة فيما
الذي يبدو أمامه غام ًضا أو
متا ًحا للرجل وليس للمرأة، ناق ًصا ،فيجد في التوراة بغي َته يترتب من آثار على علاقات
لماذا؟ لأن الفضاء العربي نف َسه تما ًما ،ويمكنك أن تقرأ الطبري الحب والزواج والإنجاب ِمن
وح َده لتعرف حجم الجريمة رضا المرأة بدرج ٍة أقل كثي ًرا من
متا ٌح له ُحك ًما وقيادة ،هو ما حقوقها ،لا لشيء ،إلا لإيمانها
يتأكد لك حين تتساءل معي ،ألا الكبرى التي ارت ِكبت في حق أن الطرف الآخر (الرجل) أعلى
يبدو غريبًا ومده ًشا عدم وجود المرأة بإثبات النص التوراتي منها مرتب ًة وأفضل ،لا فرق هنا
امرأ ٍة واحدة في عصرينا الحديث كام ًل بإدانة المرأة وتحميلها بين أميّة ومتعلمة ،بين عادية
ِوز َر الجريمة الكبرى بإخراجنا
والمعاصر مهتم ٍة بنظريات من الجنة! لكن المأساة ليست في ومثقفة.
التجديد والتأويل في الخطاب الطبري ورفاقه الذين عاصروه وفي الحقيقة لا يوجد تفسير
القرآني؟! استد ِع ِمن ذاكرتك ما أو الذين أ َتوا بع َده ،لكنها في لهذا إلا الثقافة نفسها التي َسبق
تستطيع ِمن أسماء ،بد ًءا من طه الثقافة التي لم تستطع مقاومة أن تحدثت عنها ،والكلا ُم عن
حسين ،وأحمد أمين ،ومحمد أبو القصص التوراتي ،وفي العقل الثقافة والتأكيد عليها ،لا يشير
القاسم حاج حمد ،وشحرور، العربي الذي وجد في ذلك ما إلى المعنى الرسمي للثقافة في
وأركون ،ونصر حامد ،ومئات ذهن الكثيرين باعتبارها الفنون
غيرهم ،لن تجد امرأة واحدة يتفق مع رغباته. والآداب والعلوم ،لكنه هنا يعني
ما َيعنينا الآن أن هذا التفسير حرك َة المجتمع وإفرازته ،وهي
حاولت أن تجتهد ،وعندما الحركة والإفرازات التي ما تزال
أقول امرأة واحدة ،فأنا أعنيها لا يعني على الإطلاق تبرئة ميرا َثنا الممتد من القرن السادس
(واحدة) ولا أقصد بذلك تناول المرأة ،ولا حتى التماس العذر الميلادي حتى لحظتنا الراهنة.
لها ،لكنه يعني فقط أنها الح َلقة وإذا أرد َت مفارقة مدهشة فيما
الدراسات القرآنية بالشرح الأضعف ،فالوجود العربي في نحن بصدده الآن ،أحيلك إلى
والتفسير ،تلك التي تقوم بها ِشبه الجزيرة للرجال ،والنبي سؤال بسيطَ ،من العدو الأكبر
باحثات أكاديميات ،لكنني أقصد العربي َرجل ،والخلفاء كذلك ،ثم
يأتي المد ّونون رجا ًل ،وهكذا.. للثقافة العريية أو للوجود
كتابات واجتهادات التأويل ما الذي يمكن أن تصنعه المرأة؟ العربي في الذهنية العامة للعرب
الحديثة والمعاصرة. كان يمكنها أن تقاوم وترفض والمسلمين؟ الإجابة ببساطة أن
في حال ٍة واحدة فقط ،وهي حالة العدو هو «اليهود» ،هل تعرف
فإذا تساءلنا أي ًضا عن الأسباب ش ِّكها في أن الثقافة التي ورثتها
والعوامل التي جعلت المرأة يا صديقي أن اليهود هؤلاء
وتعيشها ليست حقيقية ،في كانوا ُهم الأساس الذي َبنت
تغيب عن مشهد التأويل ،وجدنا الظن -مجرد الظن -أنها (قد) عليه الثقافة العربية كل تراثها
أنفسنا ندور في الحلقة ذاتها، تكون مغلوطة ،لكنها لم ت ُش ّك التدويني فيما يخص العلاقة بين
سبحان الل َه الاجتهاد والتأويل ولم تتردد في قبولِها ،فص ّدقت
الرجل والمرأة؟!
ليس بحاجة لا إلى عضلات ولا تما ًما. منذ لجأ العربي القديم إلى
إلى سلطة ذكورية ،يحتاج فقط
إلى عقل ووعي ..أتكون المرأة أقل
وعيًا وأدنى مرتبة في العقل؟
«إ ْن قيل إنك يا ح ّوا ُء ناقص ٌة