Page 188 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 188
العـدد 31 186
يوليو ٢٠٢1 الفرق بينك هنا وبين هؤلاء
الذين أخذ َت عليهم بعض ما
ما لك الآن تتحدث عن التواطؤ أعنيها ،هل يمكن أن يكون قد كتب َت في فقرا ٍت سابقة؟ بل ما
وعن ق ْمع المرأة؟ هل نسي َت أنه الفرق بينك وبين المرأة نفسها
وصلك أنني أريد أن تكون المرأ ُة التي نقم َت عليها رؤيتها أنها
«التكوين البيولوجي»! َرج ًل؟! َسبق أن كتب ُت لك أننا لا تستحق أن تكون بمنزلة
إن مناط الفروق التي أظن أننا نتحدث عن الحقوق والواجبات،
يجب أن نتناولها لوضع أيدينا الرجل؟!
على المُش ِكل الذي أمامنا ،إنما عن المشاعر والأحاسيس ،عن عف ًوا ،كيف يفوتك حتى في
يكون في العقل ،وإذا كان مده ًشا تشبيهك أن الفرق بين الغزال
أن العقل كآلي ٍة أو كعضو ،ليس مساحة الحرية التي يتحرك والحصان ،والموسيقى والأدب،
فر ٌق طبيعي ج ًّدا ،فالغزال
له وجو ٌد ماد ٌّي ملموس في فيها الرجل والمرأة ،عن ردود ينتمي إلى فصيلة البقريات،
الإنسان ،رج ًل كان أم امرأة، بينما الحصان ينتمي إلى فصيلة
فهل يمكن لنا أن نتبين ذلك فيما الأفعال عند كليهما ،عن القدرات الخيليات ،ومادة الموسيقى غير
له وجو ٌد ماد ّي ملموس؟ وأعني مادة الأدب ..فهل ترى بهذا
به شيئين ،إ َّما المخ باعتباره العقلية ،عن المهارات ..فكيف لا التشبيه أن الرجل ينتمي إلى
مركز الخلايا العصبية والحركية فصي ٍل أو ماد ٍة تختلف عن مادة
يتساويان هنا؟!
و َشبكات الذاكرة والتفكير، المرأة وفصيلها؟!
وإ َّما النشاط الإنساني المتر َجم تحدثني عن الحزن عند الرجل لو كان ذلك كذلك ما بدأنا
حوارنا ،ولا دخلنا نقاشنا هذا،
عن المخ سلو ًكا وتصرفات والمرأة ،وعن اختلاف صورة ولا أظنني بحاجة إلى استدعاء
وممارسات على الأرض وفي الدموع عند ك ٍل منهما ،أيكون النظريات العلمية التي تؤكد لنا
الواقع والوجود ..بمعنى أن أن الرجل والمرأة مخلوقان من
ممارسا ِتنا وأفعا َلنا وردود ذلك للاختلاف البيولوجي مادة واحدة ،ولا إلى استدعاء
أفعالِنا ،وكتابا ِتنا ومواق َفنا، الآيات التي تؤكد هي الأخرى
هي ترجمة حقيقية للعقل أو بينهما؟! لو كان ذلك كذلك ما أنهما مخلوقان من نف ٍس واحدة،
آليات التفكير التي تصدر عن وجدنا رج ًل شديد الحزن كثير ف َعن أي فر ٍق تتحدث؟ التكوين
الإشارات المُخيّة ..فإذا تبيّن أن البيولوجي؟! هل ُيع َقل هذا يا
هناك فر ًقا في تركيب تلك الخلايا البكاء ،وامرأ ًة قليلة الحزن صديقي؟! إ َذن لا فرق هنا بيننا
أو في طبيعة الإشارات المر َسلة -أنت وأنا -وبين ثقافة العامة
ِمن المخ ،عند الرجل وعند المرأة.. والدموع ،أيكون نموذج كهذين والدهماء الذين يرون أن عقل
أمكننا عندئذ التأكيد على أن تلك مخت ًّل في تركيبه البيولوجي؟! الرجل بين ساقيه ،وأن تفكير
الاختلافات َمر ِجعها تلك الفروق. المرأة بين ساقيها كذلك!
أيكون منتميًا للنوع الآخر ثم تؤكد أنك «تؤمن أن الرجل
()18 دون أن يدري؟ أ-يكحو ْسنببحكالاج ِمٍة إكل-ى والمرأة مختلفان ولا مجال
الصديق الأستاذ/ طبي ٍب أو
أشرف البولاقي للمساواة بينهما»!
جراحة؟! ولا أعرف حتى الآن عن أي
لسنا مختلفين للدرجة التي مساوا ٍة تح ّدثني! فالمساواة
تظنّها يا صديقي ،فنحن -على هب أن الأمر كذلك كما تقول،
الأقل -نتفق على المبدأ ،وهو حق التي تقصدها ليست التي
المرأة في كامل حر ّيتها بوصفها كيف يستقيم مع قولك «كيف
إنسا ًنا كامل الأهليّة ،دون منح
يتحقق هذا الإنصاف في
ظل مجتمع يتجذر فيه عدم
الإنصاف ،ويغيب عنه العلم
غيا ًبا تا ًّما».
أنت هنا تريد الإنصاف وتحيله
إلى المجتمع وغياب العلم..
سبحان الله لقد كد ُت أنسى أنه
«التكوين البيولوجي»!
كيف يستقيم كل ما تفضل َت
بالإشارة إليه مع قولك «لا تنس
يا صديقي أن الحرية المؤطرة
والمق ّطرة أي ًضا في مجتمعاتنا
تم التواطؤ بيننا جمي ًعا -رجا ًل
ونسا ًء -على قمع المرأة فيها».