Page 193 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 193
191 الملف الثقـافي
مارجريت تاتشر بينظير بوتو أنديرا غاندي المكشوفة ،وهي البيئة التي كان
لا ب ّد أن ينتج عنها عق ٌل مفتوح،
ومعار ٍض في إطا ٍر محفو ٍف والرومان ،والإغريق ،قلنا إن بل إن الفكر الديني السابق على
بالتصنيف والتخوين وربما هذا صحيح ،لكن الفرق هنا
التكفير! دون أن يخرج عاقل دقيق ج ًّدا ،يتجلى في طبيعة الدين الجديد كان فك ًرا دينيًّا
تعامل تلك المجتمعات مع ما منفت ًحا للغاية ،كان َيقبل أن
ما ويقول: طرأ عليها من تغيي ٍر جديد تضع كل قبيلة إل َهها في الكعبة،
لا وجود لأي قضية بالأساس تعلّق بوضع المرأة ومكانتها. وكان اليهودي صدي ًقا للحنيفي،
والمسيحي مقر ًبا للوثني ،ولم
كي يختلف حولها أو يتفق ()22 يحدث أن َنشبت معرك ٌة كبرى
أي أحد. الصديق الأستاذ/ بين أي قبيلت ْين بسبب إله أي
أشرف البولاقي منهما ،الله ّم إلا مناوشا ٍت
وأرجو ألا ينالنا الكثير من وملاسنات قليلة ونادرة َحفظتها
ذلك التصنيف والتخوين لدينا أزمة كبيرة في نقاش
والتكفير ،أو على الأقل لا الكثير من قضايانا وبخاص ٍة لنا كتب التراث.
ما يتعلّق منها بالدين ،أو فهم هل تراني ابتعد ُت قليلا عن
ينالني أنا يا صديقي. نقطة حوارنا ونقاشنا؟ اغفر لي
مث ًل ،كثي ًرا ما انشغلت أمتنا نصوص الدين ،أو تعاملنا إ ْن فعل ُت ،لكن تلك الإشارات
مع تأويلات السابقين .وما أظنها مهمة ج ًدا ونحن نتحدث
بنفي أمر انتشار الإسلام أدراك ما خطورة شأن أ ّي عن ِبنية العقل العربي التي
بح ّد السيف -وكأ ّنه اتهام ساب ٍق في أ ّمتنا العربيّة وتحدي ًدا صاغت العلاقة بين الرجل
ُمخت َلق أو سبّة! -والغريب أ ّن فيما يخ ّص الشأن الدين ّي. والمرأة ،وهأنذا أذ ّكرك ونفسي
هؤلاء المدافعين هم أنفسهم فغالبًا ما نفتعل الاتهام ،ثم أنك أشر َت إلى مستويات ثلاثة
َمن يعلون ليل نهار من منزلة ننطلق منقسمين ما بين مؤي ٍد يجمع بينها الفكر الديني ،ولم
أفعل شيئًا أكثر من أن أ ّكدت
الشهيد ،وفضل الجهاد، على كلامك ،لأنتهي بك إلى أن
والتمييز الدقيق ما بين جهاد الفكر الديني (وهو هنا ثقافة)
كان مكو ًنا أساسيًّا من مك ّونات
الطلب وجهاد دفع الأعداء، ِبنية العقل العربي الذي وضع
وكأن هذا كله كان يتم بدون المرأة موضعها هذا ،وما كان له
أن يضعها (هذا الموضع) لولا
أن جاء الدين الجديد ليساعد
في إبراز موضعها وتحري ِكه ِمن
الهامش ليحتل مساح ًة في المتن،
دون أن أتعرض هنا لطبيعة تلك
المساحة.
ولو قال أحدهم إن الفكر
الديني ،بغض النظر عن
تصوراته الوثنية أو الأسطورية،
كان قاس ًما مشتر ًكا في كل
المجتمعات ،عند الفرس،