Page 191 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 191

‫‪189‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫دعنا نتفق أن المرأة الغربية‬           ‫بالتأكيد السبب هو «التكوين‬            ‫إلى إقناع المرأة نفسها أنها‬
‫أسعد ح ًّظا بكثير‪ ،‬مقا َرن ًة بالمرأة‬    ‫البيولوجي» الموجود في بلادنا‬         ‫ليست متا ًعا‪ ،‬وأن لها حقو ًقا‬
                                        ‫العربية‪ ،‬وغير الموجود في بلاد‬         ‫طبيعية‪ ،‬كما للرجل‪ ،‬طيّب ما‬
                    ‫العربية‪.‬‬
‫ولع ّل هذا سيقودني إلى الحديث‬                          ‫الله الأخرى!‬             ‫الذي يمكن ِفعله أو ُصنعه‬
 ‫عن الظرف الحضاري الذي لا‬                 ‫أرأي َت المأزق الذي نحن فيه؟‬     ‫لإقناع المرأة بذلك؟! هل يكفي أن‬
‫أظن أن دائرته اكتملت‪ ،‬ولا حتى‬
‫شارفت الاكتمال يو ًما في واقعنا‬                ‫(‪)20‬‬                          ‫يعمل المجتمع بآلياته ووسائله‬
                                          ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬                    ‫ومؤسساته على ذلك؟ ألا ترى‬
                    ‫العرب ّي‪.‬‬             ‫أشرف البولاقي‬                      ‫معي أنه يفعل ذلك منذ سنين‬
‫فالنهضة الغربية وعصر التنوير‬
                                        ‫أق ّدر لك حرصك على أن تبحث‬                          ‫ولا فائدة؟!‬
 ‫هناك‪ ،‬قد أدرك الجميع نصيبه‬               ‫جا ًّدا مخل ًصا عن نقاط التقاء‬     ‫هل يحتاج الأمر إلى مزيد من‬
     ‫منهما‪ ،‬حتى الحيوان ذاته‪،‬‬               ‫بيننا‪ ،‬ويقينًا أنت لا تقصد‬      ‫س ّن القوانين وفرض العقوبات‬
    ‫وليس البشر فحسب‪ ،‬فكان‬
                                       ‫التشابه‪ ،‬وإلا افتقد حوارنا قيم َته‬         ‫على محاولات التضييق‬
 ‫بدهيًّا أن تصيب المرأة نصيبها‬                           ‫بالأساس‪.‬‬               ‫والتهميش والإقصاء التي‬
 ‫منه‪ ،‬وإن كانت لم تشارف بع ُد‬                                              ‫تتعرض لها المرأة؟ حتى لو فعلنا‬
 ‫منزل َة الرجل الغربي‪ ،‬ولم تزل‬             ‫وأنا مثلك يا صديقي أسعى‬            ‫ذلك فلن يأتي الأثر ما دامت‬
                                           ‫إلى أن نصل إلى الحقيقة‪ ،‬أو‬          ‫المرأة نفسها على الحال التي‬
    ‫نماذج النساء المتحققات في‬             ‫نشارفها‪ ،‬أو يهديها إلينا أحد‬     ‫َذكرنا من قبل؟ ليظل السؤال ما‬
‫العالم الغربي معدودا ٍت كحالات‬           ‫المتفاعلين المنت َظرين على رجاء‬      ‫الذي يجعل المرأ َة متخذة لهذا‬
                                         ‫التفاعل في فضائنا الأصفر لا‬
               ‫تعد وتحصى‪.‬‬              ‫الأزرق كصحرا َء مهجور ٍة ناد ًرا‬              ‫الموقف ِمن نفسها؟!‬
 ‫ولكن حتى المرأة العادية هناك‬                                                 ‫هناك شيء واحد يا صديقي‬
 ‫قد أدركت الكثير مما تحلم به‪.‬‬                    ‫ما نلمح فيها َبش ًرا‪.‬‬        ‫يأتي على رأس كل المحاولات‬
  ‫أما واقعنا العرب ّي فالأمر بالغ‬       ‫عظيم‪ ..‬ولكن اسمح لي أن أعلن‬        ‫المأمولة أو المنظورة‪ ،‬وهو المتعلق‬
                                       ‫رؤيتي بإيجاز في اختلاف المرأة‬         ‫ب ِفقه المرأة في الثقافة العربية‪،‬‬
    ‫السوء والتردي إذ ارتبطت‬             ‫الغربية عن نظيرتها العربية في‬
   ‫منزلة المرأة المتدنية بمفاهيم‬                                                ‫والذي ينعكس بدو ِره على‬
    ‫الدين تارة ‪-‬وهذا الأشرس‬                                ‫نقطتين‪:‬‬            ‫منظومة الأحوال الشخصية‪،‬‬
    ‫خطورة‪ -‬ومفاهيم الرجولة‬                 ‫الأولى‪ :‬أن هذا الاختلاف لم‬        ‫وليس المقصود هنا ب ِفقه المرأة‬
                                         ‫تحقق المرأة هناك مزاياه نظ ًرا‬
             ‫والكرامة تارات‪.‬‬            ‫لإنصافها أو الاعتذار إليها عما‬          ‫الفق َه الإسلامي وح َده‪ ،‬بل‬
 ‫والغريب أنني ‪-‬ولو شخصيًّا‪-‬‬                ‫لحقها تاريخيًّا‪ ،‬بل إن منجز‬        ‫المسيحي أي ًضا‪ ،‬وإياك والظن‬
                                       ‫المرأة الغربية جزء من ك ٍّل حققته‬    ‫أنني أقصد الفق َه بمعناه العلمي‬
    ‫لم ألمح أي طفرة طرأت على‬              ‫الإنسانية الغربية بالأساس‪.‬‬       ‫الضيّق لتواجهني بأن المسيحية‬
   ‫منزلة المرأة العربية حتى في‬            ‫أما الأخيرة‪ :‬فهي أن اختلاف‬       ‫لا تعرف ِفقه المرأة‪ ،‬أقصد بال ِفقه‬
 ‫عصور النهضة كالقرن الرابع‬              ‫الغربية عن العربية اختلاف في‬
                                          ‫المنسوب مقارنة بين الاثنتين‬          ‫هنا الموق َف الديني والثقافي‬
                   ‫الهجر ّي‪.‬‬           ‫فحسب؛ فالمرأة الغربية على كثرة‬          ‫والاجتماعي من المرأة‪ ،‬وهنا‬
   ‫كنت شخصيًّا آمل أن يح ّرم‬            ‫ما حققته‪ ،‬فلم تزل بعيدة تما ًما‬    ‫يدخل فيه الفقه الإسلامي طر ًفا‬
 ‫الإسلام الرق والجواري وملك‬             ‫عن إدراك القليل من مكتسبات‬
    ‫اليمين تحري ًما قاط ًعا‪ ،‬مان ًعا‬     ‫الرجل الغرب ّي‪ ،‬ولكن لا بأس‪.‬‬                            ‫مه ًّما‪.‬‬
‫صري ًحا؛ فلم أفهم يو ًما أو أتقبل‬                                             ‫ومن هنا أسألك سؤا ًل أختِم‬
‫فكرة أن أرى امرأة ُتعا َين و ُتباع‬                                             ‫به‪ ،‬ترى لماذا لم َتظهر حتى‬
    ‫وتشترى وتستخدم كمتاع‪.‬‬                                                   ‫الآن امرأ ٌة في مجتمعاتنا وزير ًة‬
    ‫أي ًضا أشد النساء معانا ًة في‬
   ‫واقعنا المعاصر معظمهن ِمن‬                                                                   ‫للدفاع؟‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196