Page 190 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 190

‫العـدد ‪31‬‬          ‫‪188‬‬

                                                                         ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                     ‫بالرجل؟!‬
                                                                                          ‫سيقول قائل تلك نتيجة ِلا‬
  ‫والأسباب‪ ،‬وإ ّما البحث عن‬         ‫يمكنها التخلي عنها بسهولة‪.‬‬
   ‫الحلول والتدابير التي ِمن‬       ‫ربما يتصل الأمر ببنية العقل‬                                           ‫تعانيه‪..‬‬
‫شأنها أن تحقق المساوا َة التي‬     ‫العربي ذاته‪ ،‬وقد نهاني بعض‬                         ‫حسنًا‪ ،‬العدد لا يقارن من ج ّراء‬
  ‫أعت ِقدها‪ ،‬أو الإنصا َف الذي‬      ‫أصدقائي عن ذلك المصطلح‬
                                                                                       ‫القمع والعنصرية ضد المرأة‪..‬‬
             ‫تؤ ِمن أنت به‪.‬‬           ‫من قبل بوصفه عنصر ًّيا!‬                               ‫لا بأس‪ ،‬فما بالنا بالمرأة‬
   ‫أنا مضطر ِمن أجل المُض ّي‬
   ‫ق ُد ًما إلى موافقتك أن هناك‬           ‫(‪)19‬‬                                          ‫التي أفلتت وأبدعت وانطلقت‬
  ‫اختلا ًفا بين المرأة والرجل‪،‬‬      ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬                                                     ‫وتحقق ْت؟‬
  ‫ليكن «التكوين البيولوجي»‬
                                      ‫عمرو الشيخ‬                                       ‫ستجد أن معظمهن (م ع ظ م‬
       ‫كما تقول‪ ..‬مع الأخذ‬                                                              ‫ه ّن) يخضن غمار أي مجا ٍل‬
     ‫في الاعتبار أن موافقتي‬         ‫َحسنًا‪ ،‬سأ ِقر وأعت ِرف أنه لا‬                     ‫إبداع ٍّي بوصف الواحدة منهن‬
    ‫وتسليمي يعنيان أن هذا‬          ‫بأس أن نختلف‪ ،‬بل إنه جمي ٌل‬                        ‫«امرأة»‪ ،‬وتستطيع أنت وغيرك‬
    ‫الاختلاف الذي تراه ُسنَّ ًة‬                                                      ‫من الأصدقاء أن تحصي أسماء‬
‫كونية وحقيقة موضوعية على‬                            ‫أن نفعل‪.‬‬                         ‫َمن أنصفته ّن أنوثتهن‪ ،‬ويدركن‬
 ‫الأرض‪َ ،‬تدحضه ‪-‬للأسف‪-‬‬              ‫َحسنًا ثانية‪ ،‬سأ ِقر وأعترف‬
    ‫شواهد المقا َرنة بين المرأة‬    ‫أننا متفقان على «حق المرأة في‬                          ‫ذلك ويستغللنه‪ ،‬وأحاديثنا‬
  ‫والرجل في الغرب‪ ،‬فلو كان‬         ‫كامل حر ّيتها بوصفها إنسا ًنا‬                        ‫كرجال في المجالس الخاصة‪،‬‬
   ‫الأمر كما تقول أنت‪ ،‬لكان‬          ‫كامل الأهليّة‪ ،‬دون ِم َن ٍح من‬                   ‫وعبر وسائل الاتصال لا تخلو‬
    ‫و ْضع المرأة هناك شبي ًها‬      ‫الرجل أو وصاية؛ فالمانح ِمن‬                          ‫من ذلك‪ ،‬فعلينا ألا نهرب من‬
 ‫بوضعها هنا‪ ،‬ولكان وضعها‬          ‫حقه أن يمسك أو يسلب»‪ ،‬كما‬
‫هنا مماث ًل لوضعها هناك‪ ،‬ما‬                                                                             ‫الحقيقة‪.‬‬
  ‫دام ُسنَّة كونية كما تتفضل‬                          ‫تقول‪.‬‬                          ‫أين تأثير المرأة في تاريخ الإبداع‬
   ‫بالقول‪ ،‬لكن الحقيقة تقول‬          ‫و َحسنًا أخيرة‪ ،‬أعلِن اتفاقي‬
                                                                                       ‫العرب ّي؟ و َتذ ّكر يا صديقي أن‬
                 ‫غير ذلك!‬              ‫معك في كل ما ذكر َته من‬                          ‫الأمثلة القابلة للع ّد والحصر‬
   ‫لكنك لو قل َت إن المرأة (في‬    ‫إشارا ٍت مجتمعية وإبداعية عن‬
     ‫مجتمعاتنا العربية فقط)‬                                                               ‫تثبت القاعدة لا الاستثناء‪.‬‬
    ‫تختلف عن الرجل‪ ،‬لكان‬             ‫المرأة‪ ..‬هل لي الآن أن أسأل‬                        ‫إ ّن المرأة المبدعة التي تحتمي‬
                                    ‫ع ّما نتحاور حوله‪ ،‬وما الذي‬                         ‫بأنوثتها‪ ،‬وتتمترس بها ل ِهي‬
       ‫الكلام أقر َب إلى الدقة‬                                                         ‫مؤشر في غاية الخطورة ُيثب ُت‬
 ‫والموضوعية‪ ،‬وهو ما يعيدنا‬                          ‫نناقشه؟‬                           ‫‪-‬على الأقل لي‪ -‬أ ّن المرأة كثي ًرا‬
‫إلى ما أعت ِقده أنا‪ ،‬وإلى أسئلتي‬      ‫لا بأس أن ننعش ذاكرتينا‬                        ‫ما تتشدق بحديثها عن مظلومية‬
                                      ‫م ًعا‪ ،‬نحن نناقش الظرو َف‬                        ‫عدم المساواة‪ ،‬لكن ‪-‬معظمهن‬
      ‫أنا عن الثقافة والتراث‬          ‫والأسباب التي أدت إلى ما‬                            ‫(م ع ظ م ه ن)‪ -‬يستفدن‬
                 ‫والتفكير‪.‬‬         ‫نحن متفقان عليه‪ ،‬ولا نناقش‬
                                      ‫الشواه َد ولا الأدلة على أن‬                         ‫ِمن وضعهن الأنثوي أبل َغ‬
   ‫ما الذي نحتاجه في بلادنا‬          ‫هناك ظل ًما واق ًعا على المرأة!‬                                   ‫الاستفادة‪.‬‬
        ‫ومجتمعاتنا لتحقيق‬            ‫أظ ّن أننا تجاوزنا الإشارات‬
                                  ‫إلى الخلل المجتمعي‪ ،‬وأظن أننا‬                       ‫يا صديقي‪ ،‬إن الاختلاف الذي‬
‫«الإنصاف»‪ ،‬وليس «المساواة»‬        ‫تجاوزنا الإشارة إلى ممارسات‬                            ‫كم ا ّدعينا أنه لم يف ِسد للود‬
 ‫لتحتل المرأة مكا َنها الإنساني‬       ‫المرأة ضد نفسها‪ ..‬والمتا ُح‬                        ‫قضية‪ ،‬قد ح ّرف الو ّد تجاه‬
                                    ‫أما َمنا الآن أمران‪ ،‬إ َّما مزي ًدا‬
     ‫في ضميرنا وفي ثقافتنا‬            ‫من البحث حول الظروف‬                            ‫المرأة عن مواضعه من أجل متع ٍة‬
      ‫الحاضرة والمعاصرة؟‬                                                               ‫عابرة‪ ،‬وهيمن ٍة وهمية للرجل‪،‬‬
  ‫لعلها تحتاج أول ما تحتاج‬                                                               ‫و ِمن أجل مكتسبات للمرأة‪،‬‬
                                                                                      ‫واستثناءا ٍت تقوم على النوع‪ ،‬لا‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195