Page 197 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 197

‫الملف الثقـافي ‪1 9 5‬‬

‫وطرق التفكير والتعبير‬                                    ‫دون استثناء‪.‬‬         ‫هو الذي تفتقده المرأة العربية‪،‬‬
                                               ‫صحيح ج ًّدا القول هنا إ َّن‬     ‫وهو المتاح لغيرها من النساء‬
‫وأنماط الحياة مهما تباينت‬                   ‫الإسهام النسائي الأدبي قليل‬          ‫في معظم الدول والمجتمعات‬
                                            ‫في العالم كله‪ ،‬وأن قياس عدد‬
‫البيئات والتواريخ‪.‬‬                          ‫الحاصلين على نوبل في الأدب‬               ‫غير العربية‪ ،‬وأعني به‬
‫‪ -‬الآخر‪ :‬لم أجد أ ّي جد ّي ًة‬                ‫(كمثال) ِمن الرجال أضعا ُف‬       ‫(الحرية)‪ ..‬والحرية هذه تف ّسر‬
‫في تنظير من ن ّظروا ونادوا‬                  ‫النساء‪ ،‬لكن سيظل في النهاية‬
‫بالمساواة رجا ًل كانوا أم‬                  ‫أن المرأة‪ ،‬بعي ًدا عن هذه المنطقة‬    ‫جز ًءا أو جانبًا من سيادة أو‬
‫نساء‪ ،‬ولم أر أي أث ٍر للتطبيق‬                 ‫التي نعيش فيها‪ ،‬قادر ٌة على‬     ‫كثرة الإسهام الذكوري الأدبي‬
                                            ‫الكتابة والتعبير بحرية‪ ..‬وإذا‬
‫في أي شيء يدل على المساواة‬                      ‫كانت أسماء البلدان التي‬          ‫في مجتمعاتنا‪ ،‬فرغم اتفاقنا‬
‫قدي ًما أو حديثًا‪ ،‬شر ًقا أو‬                  ‫تنتمي إليها الحاصلات على‬            ‫على أن الحرية في الأساس‬
 ‫غر ًبا‪ ،‬من أي طرف من‬                       ‫نوبل في الأدب‪ ،‬ما تزال عالق ًة‬     ‫ُبع ٌد مفقود في ثقافتنا العربية‪،‬‬
             ‫الطرفين‪..‬‬                       ‫في ذهنك‪ ،‬فلا ب َّد أنك ستقف‬          ‫يشترك في افتقاده الرجال‬
                                               ‫أمام دولتين مذهو ًل مثلي‪،‬‬        ‫والنساء م ًعا‪ ،‬إلا أن المساحة‬
‫مجرد عبارات جوفاء مكرورة‬                     ‫وأعني بهما (اليابان وجنوب‬            ‫المتاحة للرجل أكبر وأكثر‬
                                             ‫أفريقيا) لأن التاري َخ الدموي‬     ‫اتسا ًعا من نظيرها عند المرأة‪.‬‬
‫وشعارات تسقط في أول‬                         ‫والضريب َة الباهظة التي َدفعها‬        ‫وإذا كان الشعر ‪-‬في إطار‬
             ‫مح ٍّك‪.‬‬                        ‫شعب هاتين الدولتين تحدي ًدا‬          ‫السؤال عن إسهامات المرأة‬
                                            ‫كا ٍف تما ًما لندرك كيف يمكن‬         ‫الشعرية‪ -‬في أبسط صوره‬
‫فاللافت للنظر أ ّن نجاحات‬                        ‫أن تنهض الأمم ِمن ‪-‬لا‬           ‫وأكثرها سذاج ًة هو التعبير‬
                                             ‫أقول عثراتها ولكن‪ -‬رقا ِدها‬       ‫عن المشاعر‪ ،‬فلعلك لن تختلف‬
‫المرأة في مختلف مجالات‬                          ‫ومماتها‪ ،‬لتمنح شعو َبها‬          ‫معي في أن المرأة العربية لا‬
                                           ‫القدر َة على الحياة مجد ًدا‪ ،‬ليس‬    ‫تستطيع التعبي َر عن مشاعرها‬
‫الإنسانية مج ّرد أرقا ٍم قيد‬                 ‫فقط في صورة رجال حققوا‬           ‫بالحرية نف ِسها التي يستطيعها‬
‫الإحصاء والحصر‪ .‬وفي‬                            ‫منجزات‪ ،‬ولكن في صورة‬              ‫الرجل‪ ،‬لا في القديم ولا في‬
                                                                                ‫الحاضر‪ ،‬ولا يمكن أن نتخذ‬
‫حقيقة الأمر أ ّن هذا الإحصاء‬                              ‫نساء أي ًضا!‬         ‫ِمن الاستثناءات النادرة دلي ًل‬
                                                                              ‫على عكس ما نذهب إليه‪ ،‬ولعلّك‬
‫لم يكن هدفه إنصاف المرأة‬                           ‫(‪)24‬‬                        ‫ستتذكر معي ديوا َن «يوميات‬
                                             ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬                   ‫امرأة لا مبالية»‪ ،‬لنزار قباني‪،‬‬
‫بقدر ما كان يهدف دائ ًما‬                      ‫أشرف البولاقي‬                       ‫وهو الديوان الذي ص ّدره‬
‫إلى الإشادة برقي تيار‬                                                            ‫بمقدمة نثرية لا تقل جما ًل‬
                                            ‫نعم هو الإنصاف لا المساواة‪.‬‬        ‫عن الشعرية في الديوان‪ ،‬وهو‬
‫ما‪ ،‬أو سماحة ذكور ما‪.‬‬                         ‫لماذا أبدو حري ًصا على إقرار‬      ‫يشير فيها إلى أنه في مجتمع‬
                                                    ‫مصطلح الإنصاف؟‬             ‫لا تستطيع المرأة فيه أن تعبّر‬
‫فالذين يؤسلمون كل شيء‬                          ‫لأنني بكل وضو ٍح لم أجد‬          ‫عن مشاعرها اضطر هو إلى‬
                                                               ‫أمرين‪:‬‬            ‫أن يلبس أساو َرها ليتحدث‬
‫في الوجود ويتو ّهمون‬                                                            ‫بلسانها كاش ًفا عن مشاعرها‬
‫‪-‬عامدين‪ -‬نسبة أي فضيلة‬                      ‫‪ -‬الأول‪ :‬لم أجد أي مؤشرات‬            ‫وعذابا ِتها العاطفية‪ ،‬وكيف‬
                                                 ‫مساواة بين النوعين في‬            ‫أشار إلى أن المرأة مقهور ٌة‬
‫إنسانية إلى الإسلام ما زالوا‬                                                  ‫ومقموعة في كل البلدان العربية‬
                                           ‫القدرات والرغبات والسلوكيات‬
‫يستدلون بموقف أم سلمة في‬

 ‫عمر رضي‬     ‫االل ّلحدعينبيهة«أومصقاوبلةت‬
‫امرأة وأخطأ‬

             ‫عمر»‪.‬‬

‫أي أن تراثنا الإسلامي ستعد‬

‫فيه على أصابع اليد الواحد‬

‫‪-‬على أقصى تقديرات‪-‬‬
‫مواقف نسائية ُيستد ّل بها‬
‫على كفاءة المرأة! في حين‬

‫أن ألوف القصص التراثية‬

‫الإسلامية أبطالها ذكور‪،‬‬

‫باعتبار أن هذا هو الطبيع ّي!‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202