Page 200 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 200

‫يعني الحرث في البحر!‬                                          ‫العـدد ‪31‬‬                              ‫‪198‬‬
‫أتصور أن الأنظم َة السياسية‬
‫وتحالفا ِتها الدائمة والمستمرة‬                                                         ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬      ‫الرجل‪ ،‬كحق التعليم‪ ،‬وحق‬
 ‫مع تيار المحا َفظة السائد في‬                                                                         ‫التعبير‪ ،‬وحرية اتخاذ القرار‪،‬‬
‫ثقافتنا‪ ،‬يقف َحجر عثرة أمام‬        ‫في تحقيق مبدأ الإنصاف هذا؟!‬
 ‫أي أمل في فتح ثغر ٍة واحدة‬              ‫ربما كانت الإشارة إلى‬                                          ‫ربما كان الإنصاف لصي ًقا‬
                                        ‫«مشروعاتنا النهضوية»‬                                        ‫بقضايا الميراث والحضانة وما‬
   ‫يتسرب منها شعاع واحد‬
‫لتغيير حقيقي‪ ،‬ليس فقط فيما‬           ‫مبال ًغا فيها بعض الشيء في‬                                        ‫إلى ذلك‪ ..‬وكل ما أخشاه أن‬
                                       ‫ظل حالة الانعزال الكبيرة‬                                     ‫يكون تسليمنا بق ْصر مناقشتنا‬
   ‫يخص أوضاع المرأة‪ ،‬لكن‬
  ‫في كل القضايا والمشكلات‬           ‫التي تعيشها هذه المشروعات‬                                         ‫حول وضع المرأة على مفهوم‬
    ‫العالقة التي تمس مفهوم‬            ‫بعي ًدا عن قدراتها التأثيرية‬                                  ‫الإنصاف‪ ،‬منط َل ًقا لتهميش مبدأ‬
 ‫التنوير؛ خاص ًة وأن مصالح‬           ‫على الناس‪ ،‬حتى لتظل كلها‬                                      ‫المساواة بين النوعين‪ ،‬وهو مبدأ‬
   ‫هذه الأنظمة تتحقق بحالة‬             ‫كتابا ٍت في الفراغ يتشدق‬                                     ‫أقرته الأديان والمواثيق الدولية‬
  ‫الجدل الدائر دائ ًما وأب ًدا في‬     ‫بها المثقفون والتنويريون‪،‬‬
   ‫المجتمع‪ ،‬وهو الجدل الذي‬           ‫لك ّن تطبيقها في الواقع يبدو‬                                       ‫والسيرورة الحضارية في‬
  ‫لا يدور ولا ينتج من عقول‬                                                                           ‫مجالات متعلقة بقيمة الإنسان‬
    ‫تمتلك وعيًا حقيقيًّا‪ ،‬بقدر‬      ‫مغيبًا تما ًما‪ ..‬وتشهد أوساط‬                                   ‫من حيث هو جنس‪ ،‬وليس نو ًعا‪.‬‬
   ‫ما تمتلك حال ًة من حالات‬         ‫المثقفين أنفسهم تجاوزا ٍت في‬                                    ‫ليكن الإنصاف الخطو َة الأولى‪،‬‬
   ‫الشغف باستشعار الفوز‬             ‫حق المفهومين م ًعا‪ ،‬الإنصاف‬                                    ‫وهو لو تحقق لكان مكسبًا كبي ًرا‬
‫والانتصار على المخالِف معها‪،‬‬                                                                         ‫وإنجا ًزا ضخ ًما في مجتمعاتنا‪،‬‬
                                      ‫والمساواة‪ ،‬تجا َه المرأة‪ ،‬مما‬
    ‫أكث َر ما يعنيها الوصول‬                                                                             ‫وسيظل السؤال‪َ :‬ترى لماذا‬
                 ‫للحقيقة‪.‬‬                                                                          ‫فشلت كل مشروعاتنا النهضوية‬

      ‫لم يحدث في تاريخ أي‬
    ‫مجتمع‪ ،‬أن ظلت قضاياه‬
    ‫وهمومه قادر ًة على إنتاج‬
  ‫نفسها مرا ٍت ومرات‪ ،‬مثلما‬
‫يحدث في مجتمعاتنا العربية‪،‬‬
‫ولعل قضية المرأة وما يتعلق‬
 ‫بها منذ دعوة «قاسم أمين»‬
‫حتى يو ِمنا هذا‪ ،‬حجاب المرأة‪،‬‬
‫عمل المرأة‪َ ،‬سفر المرأة‪ ،‬ختان‬
  ‫المرأة‪ ،‬ميراث المرأة‪ ،‬التعدد‪،‬‬
  ‫الحضانة‪ ..‬دون أن يقطع‬
    ‫هذا المجتمع خطوة في‬
‫قضية واحدة من كل هذه‬
‫القضايا‪ ،‬ولا يمكن أن‬
 ‫يكون السبب وح َده‬
    ‫هو عدم وصول‬
‫المجتمع إلى رأي واحد‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205