Page 198 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 198

‫هذا فوق قدراتها العقلية‬                                    ‫العـدد ‪31‬‬                              ‫‪196‬‬
  ‫المتوقعة منها! يحدث هذا لو‬
 ‫وجدنا امرأة مدير ًة لبنك‪ ،‬أو‬                                                      ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬       ‫نفس الأمر ينطبق على كل‬
                                                                                                ‫المجالات في شتى بقاع الأرض‪،‬‬
         ‫وزير ًة أو سفيرة‪..‬‬              ‫حوائط بطولا ِتهم!‬
  ‫ولعل مبعث هذه النظرة هو‬        ‫ألم يضع والد «رامي» يديه‬                                                ‫ومختلف العصور‪..‬‬
  ‫الإحساس بالدونية المهيمن‬     ‫على كتفه‪ ،‬وهو يكتم ابتسامته‪،‬‬                                        ‫انظ ْر إلى عدد َمن حكموا في‬
                               ‫وينصحه بالتركيز في دروسه‪،‬‬                                           ‫العالم‪ ،‬وقا ِرن أعداد الرجال‬
     ‫على كثير من العقول في‬         ‫وأنه ‪-‬أي الأب‪ -‬فعل هذا‬
    ‫منطقتنا‪ ،‬ف َمن يستكثرون‬     ‫في الماضي‪ ،‬لكنه أخ َذ الدرس‬                                                  ‫بأعداد النساء‪.‬‬
‫نجاح المرأة ويع ّدونه معجزة‪،‬‬     ‫والعظة؟! ثم َيدخل لزوجته‬                                             ‫انظ ْر إلى أعظم موسيق ّي‬
‫ُهم ذاتهم َمن ينظرون إلى أي‬      ‫«أم رامي» مبتس ًما ابتسام ًة‬                                  ‫الإنسانيّة‪ ،‬وفنانيها التشكيليين‪،‬‬
‫تفوق عرب ّي أو مشاركة عربية‬      ‫عنصرية قائ ًل‪ :‬الولد كبر يا‬                                    ‫ومسرحييها‪ ،‬ونجوم السينما‪..‬‬
  ‫في أ ّي محف ٍل عالمي بوصفه‬                                                                         ‫قا ِرن بين رياضة الرجال‬
   ‫إعجا ًزا غير متوقع‪ ،‬وكأنه‬                      ‫مديحة!‬
   ‫صادر عن شخص ناقص‬             ‫ترى‪ ،‬هل يستطيع والد رامي‬                                                ‫والرياضة النسائية‪..‬‬
    ‫الأهلية أو أصيل التخلف!‬                                                                       ‫ف ّكر معي في كم الاستثناءات‬
   ‫انظ ْر يا صديقي إلى تعامل‬     ‫أن يعيش نفس التجربة مع‬                                            ‫التي تحرص المرأة وتسعى‬
  ‫الإعلام مث ًل مع أكبر أندية‬      ‫ابنته‪ ،‬ويقول أي ًضا‪ :‬البنت‬                                    ‫إلى الفوز بها‪ ،‬وبخاصة المرأة‬
 ‫الشرق الأوسط‪ ،‬وهو الأهلي‪،‬‬                                                                         ‫الشرقية تحدي ًدا في مجالات‬
  ‫في مشاركته في كأس العالم‬               ‫كبرت يا مديحة؟!‬
     ‫للأندية‪ ..‬ستجد مذيعين‬          ‫هل توقع أحدهم أن ترد‬                                             ‫العمل والمواصلات مث ًل‪..‬‬
‫منبهرين بأن «نوير»‪ ،‬حار َس‬      ‫«شيماء» على «رامي» وتحكي‬                                         ‫انظ ْر وقا ِرن بين نصيب المرأة‬
    ‫ألمانيا‪ ،‬يعرف (الشناوي)‬       ‫عن شقاوتها ومغامراتها؟!‬                                       ‫ونصيب الرجل في حق الخطأ‪،‬‬
‫ويذكره بالاسم! أو أن «مولر»‬
‫يرفع قميص (كهربا) ويلتقط‬                ‫ما هذا يا صديقي؟!‬                                          ‫وحجم العقاب‪ ،‬ورد الفعل‪،‬‬
   ‫صورة! هذه المبالغة في رد‬        ‫المرأة لم يزد نصيبها عن‬                                       ‫ستجد أن المرأة العربية قرينة‬
    ‫الفعل مبعثها في تصوري‬        ‫الرجل في واقعنا العربي‪ ،‬إلا‬                                     ‫العار لدى ذويها َمظنة الخطأ‪،‬‬
    ‫شعور بالنقص والدونية‪،‬‬      ‫في القيود والعقاب ورد الفعل‪،‬‬
  ‫مع عدم توقع أي إنجاز ِمن‬      ‫بل تبلغ الوقاحة مداها حينما‬                                             ‫فما بالك لو أخطأت؟‬
‫صاحب الإنجاز‪ ،‬بوصفه غي َر‬      ‫يكيل المجتمع ‪-‬المتدين بطبعه‪-‬‬                                        ‫هل سمعت يو ًما يا صديقي‬
                                ‫بمكيالين متفاوتين لشريكين‬                                       ‫عن رجل شرقي ذبح ول َده لأنه‬
           ‫مؤه ٍل بالأساس‪.‬‬
‫نفس هذا الفكر‪ ،‬وهذا الشعور‬                 ‫في نفس الخطأ‪.‬‬                                                     ‫أخطأ مع فتاة؟‬
                               ‫الإنسانية ‪-‬وبخاصة في الأمة‬                                            ‫أو أصابته نوبة قلبية من‬
   ‫هما ما يحركان العربي في‬
         ‫نظرته تجاه المرأة‪.‬‬        ‫العربية‪ -‬لا مكان للمؤنث‬                                            ‫صدمته في ابنِه الذ َكر؟!‬
                                 ‫فيها‪ ،‬إلا في التاءات المربوطة‬                                 ‫ألشما تٍبسممتقعدممرال ًرطال وبتاكلرزاوًرااجعونأ أخّمتِه‬
   ‫ثم يحدثونك عن المساواة!‬       ‫للإنسانية والأمة والعربية‪،‬‬
      ‫أي مساواة أيها الذ َكر‬      ‫وما عدا ذلك فهو عنصري‬                                           ‫و ُه َما تحكيان في تدلل س ِمج‬
                                                                                                 ‫للعروس وأهلها‪ ،‬عن مغامرات‬
‫الشرقي التي تتشدق بها؟! لا‬                      ‫الذكورة‪.‬‬
                   ‫أدري‪.‬‬          ‫فإذا ما حققت أي امرأ ٍة أي‬                                       ‫«رامي» وطي ِشه مع البنات‪،‬‬
                                ‫إنجاز في أي مجال يتم تقدير‬                                     ‫والجميع يتبادلون ابتسامة بلهاء‬
 ‫ِمن هنا طمح ُت إلى أن نبحث‬
‫عن مصطلح آخر‪ ،‬ربما يكون‬                ‫المرأة بعدة اعتبارات‪:‬‬                                      ‫بالبطولات النسائية للعريس‬
                                 ‫اعتبار أنها صارت في منزلة‬                                          ‫المرتقب‪ ،‬مع ترديد الرجال‬
                                                                                                    ‫الحاضرين لعبارات تمرر‬
                                                  ‫الرجل!‬
                                ‫واعتبار أن هذا ليس إلا دلي ًل‬                                    ‫طيش «رامي» بوص ِفه مرحلة‬
                                                                                                ‫َمر بها الذكور في تاريخهم‪ ،‬في‬
                                  ‫على رقي المجتمع والنظام‪.‬‬
                                 ‫والدهشة من نجاحها وكأن‬                                           ‫ابتسامات يستحضرون بهم‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203