Page 172 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 172

‫العـدد ‪31‬‬                                             ‫‪170‬‬

                                                            ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                                            ‫وتقرأ وتكتب في عصور‬
                                                                                                             ‫الخلفاء‪ ،‬كان المتوقع أن يكتفي‬
‫الإسلام لم يأت بجديد في مسألة‬          ‫صديقي الكريم‪ ،‬أوردت في‬                                                ‫بالمطايا الطبيعية من خي ٍل وإبل‬
  ‫الولاية أو الشهادة والأمثلة لا‬
                                       ‫مقالك السابق بعض الأحاديث‪،‬‬                                               ‫ودواب أخرى‪ ،‬لكن المدهش‬
‫حصر لها على إثبات ذلك‪ ،‬بل إن‬           ‫حيث ذكر َت حديث «ال َجنَّ ُة َتح َت‬                                     ‫هنا أن النظرة زادت انغلا ًقا‪،‬‬
  ‫الأمثلة التي يستدعيها منصفو‬           ‫َأق َدا ِم الأ َّمهات» وحديث النبي‪:‬‬                                   ‫وتم التكريس أكثر لاعتبارها‬
   ‫المرأة إنا ًثا ك ّن أم رجا ًل تثبت‬  ‫«هل لك أ ّم؟» «فالزمها فإن الجنة‬                                      ‫في مكان ٍة أدنى منه‪ ،‬ولا يغر ّننا‬
‫عكس ما يرمون إليه‪ ،‬فالمتدينون‬          ‫تحت ِرجليها»‪ .‬ثم ذكرت حديث‬                                            ‫أب ًدا تلك المساحة الجديدة التي‬
 ‫يستدلون برواية عائشة رضي‬                                                                                     ‫بدأت تتحرك فيها المرأة‪ ،‬فهي‬
   ‫الله عنها للأحاديث‪ ،‬وتعليمها‬        ‫أبي سعيد الخدر ّي‪ ،‬ثم قوله‬                                           ‫كلها مساحة ممنوحة من الرجل‬
  ‫الناس أمور دينهم‪ ،‬وبقصة أم‬           ‫َش ِهي َد ْي ِن ِمن‬  ‫تِّرعَاجاللِى‪ُ:‬ك ْم«ا»‪.ْ .‬س َإتل ْشخ‪ِ.‬ه ُدثوما‬     ‫القائد‪ ،‬لا أظن المرأة انتزعتها‬
   ‫سلمة يوم الحديبية على مدى‬           ‫ذكرت حديث‬                                                             ‫انتزا ًعا‪ ،‬ولا خاضت من أجلها‬
   ‫مشاركة المرأة وعظم دورها!‬
 ‫والأصدقاء المثقفون العلمانيون‬         ‫ولاية المرأة‪« ..‬لن ُيفلح قوم ولوا‬                                               ‫معار َك أو حرو ًبا‪.‬‬
   ‫والصديقات يستدلون بنجاح‬                                  ‫أم َرهم امرأة»‪..‬‬
‫نماذج نسائية مثل حتشبسوت‪،‬‬              ‫ورأي َت أ ّن العلماء حاروا في هذا‬                                            ‫(‪)4‬‬
‫كليوباترا‪ ،‬أنديرا غاندي‪ ،‬تاتشر‪،‬‬        ‫التناقض ‪-‬الذي تراه أنت‪:-‬‬
                                                                                                              ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬
    ‫بوتو‪ ،‬ميركل‪ ،‬وغيرهن ممن‬            ‫فكيف يليق بمن كانت الجنة‬
  ‫يسهل عدهن على عبقرية المرأة‬                                                                                  ‫أشرف البولاقي‬
                                       ‫تحت قدميها‪ ،‬أن تكون ناقصة‬
   ‫وصلاحيتها لمختلف الأعمال‬                                                                                     ‫وأنا مثلك لا أري ُد أن أنزل َق‬
   ‫كالرجل‪ ،‬وكأن الرجل منزلة‬            ‫عقل ودين‪ ،‬وشهادتها نصف‬                                                  ‫إلى حديث نقصان عقل المرأة‬

       ‫تسعى المرأة إلى بلوغها!‬         ‫شهادة الرجل‪ ،‬ولن يفلح قو ٌم‬                                                ‫ودينها‪ ،‬ومتفق معك على‬
     ‫أي أن أمور الحياة لم تكن‬          ‫يولونها أم َرهم؟! أختلف معك يا‬                                          ‫أونناضل ِع ْهسنأاو َمتعنيضيعين ِفبه‪،‬صوحمتتهف أقو‬
     ‫متداولة بين المرأة والرجل‬         ‫صديقي‪ ،‬ولا أجد هذا التناقض‬                                             ‫معك ‪-‬أي ًضا‪ -‬على أن نتحاور‬
  ‫بصورة سلسة لا تلفت النظر‬                                                                                   ‫بعي ًدا عنه‪ ،‬لكنّني بالفعل أُشير‬
‫إلى تفوق ذكوري تام‪ .‬فنحن إما‬                                ‫من جهتين‪:‬‬                                        ‫ِمن طر ٍف َخفي ‪-‬وغير خفي‪-‬‬
‫أمام تحجيم للمرأة وتصنيفها في‬                                                                                 ‫حسب تعبيرك إلى أ ّن الحديث‬
 ‫مرتبة ثانية‪ .‬وإما أمام اندهاش‬         ‫* الأولى‪ :‬وقد سبق لي تأويل‬                                            ‫يش ّكل (جز ًءا) من البِني َة الأولى‬
  ‫وانبهار بنماذج النساء اللائي‬                                                                               ‫للعقل العرب ّي‪ ،‬أو لنقل صادف‬
  ‫نبغن في أي مجال‪ ،‬وكيف أنها‬           ‫فهمي لدلالات حديث نقصان‬                                                 ‫هوى النفس العربية‪ ،‬وربما‬
  ‫صارت وزيرة‪ ،‬أو قاضية‪ ،‬أو‬                                                                                   ‫اتفق مع كثير من النفوس غير‬
  ‫قائدة طائرة‪ ،‬أو مبدعة كبيرة‪،‬‬         ‫العقل والدين في مقالي رقم‬                                             ‫العربية والعقول‪ ،‬لكنّنا معنيان‬
     ‫وكأنها خرجت عن طورها‬                                                                                      ‫‪-‬أنت وأنا‪ -‬بالعقل العرب ّي‪.‬‬
    ‫المتو َّقع منها بتحقيقها شيء‬       ‫(‪ )2‬في هذا الصدد‪ ،‬وخلاصته‬                                              ‫ومتفق معك على أنني أود أن‬
                                                                                                                ‫تكون تلك الإشارات في هذا‬
          ‫يحققه آلاف الرجال!‬           ‫أن هذا النقص سمة إنسانية‬                                               ‫الصدد هي الأخيرة كي ينمو‬
      ‫تاريخنا الفرعوني‪ ،‬تاريخ‬          ‫وليست نوعية‪ ،‬وليس دلي ًل على‬                                             ‫حوارنا في متسعين‪ :‬زمن ّي‬
     ‫الإنسانية ذاته حقق حديث‬
  ‫النقصان بمعناه الذي لا يتفق‬          ‫اكتمال الرجل في المقابل أو دينه‪.‬‬                                                      ‫وحضار ّي‪.‬‬
      ‫وتأويلي من قبل الإسلام‬
                                       ‫* الثانية‪ :‬كون الجنة تحت أقدام‬
            ‫بعشرات القرون‪.‬‬
 ‫لو توفرت لنا دراسة إحصائية‬            ‫الأمهات لا يعني أن الأمهات‬

                                       ‫أنفسهن في الجنة‪ ،‬وليس ذلك‬

                                       ‫نقطة تضاف إلى رصيد المرأة‬

                                                            ‫مقارنة بالرجل‪.‬‬

                                       ‫لكن الحديث موجه إلى الأبناء‬
                                       ‫إنا ًثا وذكو ًرا يعلمهم أن بر‬
                                       ‫الأم‪ ،‬والرفق بها‪ ،‬وخدمتها‪،‬‬

                                       ‫والخضوع إليها ولو بالجلوس‬

                                       ‫عند قدميها‪ ،‬ففي هذا سبيل‬

                                       ‫الجنة حتى لو لم تكن الأم من‬

                                                            ‫أهلها‪.‬‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177