Page 245 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 245
243 ثقافات وفنون
حوار
مجانية التعليم ،وقد تعرضت لهذا خيري حسن ،صحفي فالمثقف دائ ًما متقدم عن السلطة
الموقف حين ُعرض عليَّ موقع مصري: السياسية ،لأن السياسة تنبع من
وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الواقع وتتعامل معه ،وفي أحيان
كيف ترى اضطرار الكاتب كثيرة تكون أسيرة له ،أما المثقف
الخارجية ،فرغم تعارض أفكاري -الذي يحتل منص ًبا- فمنطلقه ليس الواقع وإنما المثال،
مع توجهات النظام في حقبة إلى ازدواجية معاييره، أو ما ينبغي أن يكون ،صحيح أن
وضرورات انسجامه كل من السياسي والمثقف يهدف
الثمانينيات فقد تمكنت من إعادة
علاقات مصر الثقافية مع الدول مع منصبه ،وما ينتظره لتغيير الواقع؛ لكن السياسي
العربية الشقيقة ،والتي كانت قد منها؟ ولماذا يفرض علينا ينطلق من الواقع ويتقيد به بينما
ُقطعت بالكامل في عصر السادات، المحرر الثقافي نفسه ،إما المثقف ينطلق من المثال ولا يتقيد
وو َّقع ُت اتفاقيات تعاون ثقافي مع ناق ًدا وإما روائ ًّيا وهو -أو
معظم تلك الدول ،كما استعدت قطاع كبير منهم -لا هذا إلا بالمثل والمبادئ التي ينطوي
عليها ،والسياسي الواعي هو
علاقات مصر مع دول العالم ولا ذاك؟ الذي يدرك هذه الحقيقة فيسعى
الثالث ،وهو ما كان يتفق مع
أفكاري وتوجهاتي ،وقد انتهت أعتقد أن نوع المنصب الذي إلى المثقف ويقربه منه ،كما
تلك التجربة بعد ما يزيد قلي ًل يتقلده الكاتب هو الذي يحدد كان الحال بين شارل ديجول
عن سنة بالاستقالة من جانبي ما إذا كان سيتمكن من الحفاظ وأندريه مالرو أو فيلي برانت
بعد أن اصطدمت توجهاتي على هويته أم أن عليه أن يتنازل وجونتر جراس ،أما السياسي
عنها لخدمة السلطة ،ففي بعض محدود الأفق الذي يتصور أنه
بالبيروقراطية الحكومية. الأحيان يكون المنصب فرصة يمتلك الحلول المطلوبة فالمثقف
أما عن مشكلة المحرر الثقافي للكاتب لأن يطبق أفكاره ،فحين بالنسبة له عنصر معطل ويسبب
التي تشكو منها فسببها غياب عهد إلى طه حسين بالمنصب له صدا ًعا بمراجعاته التي لا
الناقد الأدبي من صحافتنا ،ففي الوزاري لم ير في ذلك تناز ًل، تنتهي لكل ما يتخذه السياسي
الصحافة التي عايشناها كان بل ساهم وجوده في المنصب في من قرارات ،لذا فهو يتجاهله ،أو
الناقد الأدبي عندنا هو الدكتور تطبيق أفكاره المتقدمة ومن أهمها يحاصره ،أو يضعه في السجن.
لويس عوض ،وكان «الأهرام»
يبعث به سنو ًّيا إلى لندن ليتابع
النشاط المسرحي هناك ويعود
فيكتب عنه ،إلى جانب
متابعاته للمشهد
المحلي ،ولا ننسى
أنه هو الذي اكتشف
الشاعر أمل دنقل
ونشر إنتاجه في
«الأهرام» ،ومثله كان
عبد القادر القط وعلي
الراعي ورجاء النقاش
الذي قدم شعراء
الحداثة الفلسطينيين
-مثل سميح القاسم