Page 246 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 246

‫ذلك الوقت‪ -‬دع ًما ماليًّا من دول‬      ‫الأدب ليست وظيفته التنبؤ بالمستقبل‪..‬‬
 ‫مجاورة نشرت الفكر الوهابي في‬             ‫الأدب وظيفته إحداث التطهر الذي‬
  ‫مصر كما لم يحدث من قبل‪ .‬ثم‬             ‫تحدث عنه أرسطو ‪ ،katharsis‬وهي‬

   ‫جاءت فترة مبارك التي جمدت‬            ‫وظيفة لا يستطيعها غيره‪ ،‬لأنه وحده‬
    ‫كل شيء ولم تغيره‪ ،‬بزعم أن‬          ‫الذي يخاطب الوجدان فينا فيسمو بنا‪،‬‬
‫ذلك يحافظ على الاستقرار‪ .‬وتلاها‬         ‫وما الكلمات والمواقف والأحداث التي‬
  ‫حكم الإخوان الذي عين للثقافة‬
 ‫وزي ًرا قام بفصل مديرة الأوبرا‪،‬‬         ‫يقدمها الكاتب إلا وسائل يوظفها‬
                                       ‫لتحقيق هذا الهدف‪ ..‬هي الألوان التي‬
     ‫ووصف بعض الشيوخ (فن‬
   ‫الباليه) بأنه «فحش»‪ ،‬وكتابات‬           ‫يستخدمها الفنان أو الألحان التي‬
                                         ‫يؤلفها الموسيقي‪ ،‬وهي قد تكون‬
     ‫نجيب محفوظ بأنها روايات‬             ‫حزينة أو مبهجة‪ ،‬سريعة أو بطيئة‬
    ‫الدعارة وغرز الحشيش (!!!)‪،‬‬         ‫حسبما يتراءى له‪ ،‬وليس لنا أن نحاسبه‬
     ‫وبسقوط حكم الإخوان كنت‬
‫أتصور أن تضطلع الثقافة بدورها‬                          ‫على اختياره‬
   ‫في بناء المجتمع الجديد انطلاقا‬
  ‫من دستور ‪ ،٢٠١٤‬الذي تضمن‬              ‫الفنان والكاتب والمثقف وصاروا‬         ‫ومحمود درويش‪ -‬للقارئ‬
    ‫لأول مرة في تاريخ الدساتير‬              ‫هم سفراء مصر في الخارج‪،‬‬      ‫المصري‪ ،‬أما مهمة المحرر الأدبي‬
‫المصرية با ًبا عن المقومات الثقافية‬                                       ‫فكانت أن يأتي بالخبر أو يتابع‬
   ‫للمجتمع‪ ،‬كما تضمن الدستور‬           ‫ووجدنا بعضهم ‪-‬مثل أم كلثوم‪-‬‬
 ‫ما يزيد على ‪ ٤٠‬مادة مستحدثة‪،‬‬              ‫يحمل جواز سفر دبلوماسي‪،‬‬                       ‫الحدث الثقافي‪.‬‬
   ‫معظمها يتعلق بحقوق المواطن‬
  ‫وبحريته‪ .‬كنت أتصور أن تبلور‬           ‫جاءت حقبة السبعينيات فأصبح‬         ‫أحمد سويلم‪ ،‬شاعر‬
  ‫الثقافة مفهو ًما جدي ًدا لمهمتها في‬    ‫رئيس الجمهورية يتحدث عنهم‬              ‫مصري‪:‬‬
    ‫ظل الظروف الحالية‪ ،‬لكن هذا‬           ‫باعتبارهم «الأفندية»‪ ،‬ويعلي من‬
‫للأسف لم يحدث‪ ،‬وعمليات البناء‬                                                ‫لماذا تراجعت الثقافة‬
    ‫والتشييد التي نشاهدها الآن‪،‬‬             ‫شأن «كبير العيلة» و»أخلاق‬         ‫والفنون في مصر في‬
   ‫إذا استثنينا ما يحدث بالنسبة‬              ‫القرية»‪ ،‬وبد ًل من احتضان‬         ‫السنوات الأخيرة‪..‬‬
 ‫للتعليم‪ ،‬لا نجد إلى جوارها عملية‬       ‫الفنانين أطلق أصحاب اللُّحى في‬        ‫وصرنا نتباكي علي‬
     ‫موازية تصاحبها لإعادة بناء‬        ‫المجتمع فأصبحوا في عهده نجوم‬            ‫الماضي بأنه الزمن‬
‫الإنسان‪ ،‬فتلك مهمة لا تقدر عليها‬         ‫تليفزيون الدولة‪ ،‬وهو ما نعاني‬
   ‫إلا الثقافة‪ .‬من أجل هذا ما زلنا‬        ‫منه حتى الآن‪ ،‬وقد ساهم ذلك‬                     ‫الجميل؟‬
 ‫نتطلع إلى ما فات‪ ،‬وقد كان يجب‬           ‫في إعلاء الفكر الغيبي والتطرف‬
   ‫أن نكون قد تخطيناه إلى ما هو‬        ‫الديني الذي تنامي حتى وصل إلى‬        ‫لقد عانت الثقافة والمثقفين في‬
                                       ‫حد الإرهاب‪ ،‬وقد تلقت الجماعات‬     ‫مصر من ضربات متتالية‪ ،‬فبعد‬
                        ‫أفضل‪.‬‬               ‫الإسلامية ‪-‬التي انتشرت في‬     ‫أن رفعت ثورة يوليو من شأن‬

  ‫د‪.‬أيمن تعيلب‪ ،‬الناقد‬
  ‫والأكاديمي المصري‪:‬‬

       ‫كنتم رئي ًسا لاتحاد‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251