Page 269 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 269
267 ثقافات وفنون
كتب
ظ َّل يعضان بنواجدهم على تراب «خمسة أيام وأربع ساعات الأسماء التي أدخلت الرواية
الوطن ،نقرأ للمزوغي في الفصل وخمس دقائق هي الفترة المتاحة ورشة الكتابة بغاية إنتاج طرق
المعنون بـ(أهذه أرض تهجر) للهجرة اللامشروطة! تفتح جديدة في التعبير.
ص ،154وللعربي الهدرة« :ذهبوا خلالها المعابر على إيطاليا وفرنسا
ورشة العتبات
الله لا ترد فيهم»( .ص)146 وإسبانيا بمقتضى اتفاق أممي
وفي النهاية لم يكن تهريب البشر قامت به الدول الثلاث (فرنسا، لم تعد العتبات نصو ًصا خرساء
بل نصو ًصا ناطقة ،تلعب أدوا ًرا
وفتح شهيته لمغادرة الوطن إسبانيا ،إيطاليا) لاستقبال مهمة في بناء دلالة النص ،وبذلك
سوى لعبة مخدومة ومغشوشة: التونسيين الراغبين في الهجرة». يصبح ن ّص صغير واص ًفا لنص
«المطارات المكتظة كانت عاجزة عن كبير ،وأولى العتبات التي ترسم
استقبال العائدين ورجال الديوانة (ص)7 أفق التوقع؛ و(هيباتيا الأخيرة)
والشرطة القليلون ج ًّدا في حيرة مفتتح يبدو أنه أفشى سر
من أمرهم»( .ص ،)217ولم تكن النص ونية وقائعه ،وهذا يعني هو الاسم التي اختارته أمينة
سوى «هيباتيا الأخيرة» ،تبحث أن القارئ سيتابع أحداث أشبه زريق لروايتها الرابعة.
عن «هيابتيا الهاربة» ،والعصية ما تكون بالغرائبية؛ فالكل
يستجيب لمؤامرة التهريب عنوان يثير الفضول والسؤال
غلى القبض. ويسيل لعابه لها ،حيث تساوى لدى المقبل على قراءة هذا النص
في ذلك الضحية والجلاد ،علية
ورشة الرواة الأمة وكادحوها هر ًبا من وطن الروائي حول هذا الاسم ،وفي
تعددت رؤوس تنيناته وفق حال تأمل هذا العنوان سنجد
يصلنا المحكي في (هيباتيا لعبة مبيتة ومغشوشة« :الجميع أن «هيباتيا» هي تلك الفيلسوفة
الأخيرة) عبر أصوات متعددة، سافر عبر الحدود ومن بقي شهيدة العلم ،أما في حال ربط
صوت الراوية أو راوية الرواة من حرس وجنود انشغلوا في
التي لم تعد خارج الحكاية ،بل أراضي الجوار ،لقد زج بهم ز ًّجا هذا العنوان بسياقه النصي
في مستنقع حفر لأجل وأدهم ككل ،سيتضح بأنه لا يقصد بها
أصبحت مشاركة في أحداثها «هيباتيا» التاريخ ،بل يقصد بها
وتحتفظ لنفسها بحق التدخل، جمي ًعا»( .ص)173
وحشر أنفها في شؤون وأسرار وحده (المزوغي) ومخ الهدرة دلاليًّا الحكمة والفلسفة ،التي
تعني فرصتنا (الأخيرة) التي لن
الكتابة لدى المؤلفة ،وكذا في سعيد يقطين
توجيه المحكي وأحيا ًنا بشكل تتكرر.
عنيف «سأكسر مملكتها وأباغتها، وبهذا المعنى فان الكاتبة بدرجات
ربما أرديها قتيلة حين تفتح
الأوراق فتجدني أسردها ،أمحقها وعيها وادراكها ستعمل على
ثم أعيد تشكيلها كما أريد ستغدو استبطان عوالم الواقع والإنسان
(أمينة زريق) مجرد شخصية من
في سردها الروائي ،من أجل
الشخصيات»( .ص)55 الخروج من تحت إبط واقع
في مقابل هذا الصوت العنيد مأزوم وبرؤوس متعددة ،ومن
والعنيف للراوية ،هناك صوت فوضى منظمة يعج بها الوطن
«راوي» كافكا القيرواني ،صوت
سردي أكثر هدو ًءا وكفاءة ووفاء والكون.
للمؤلف -كافكا ،عكس «الراوية»؛
نقرأ على لسانه يوم كان «كافكا» ورشة الأحداث
بعد الإهداء ،يلتقي المتلقي مع
افتتاحية المحكي وبخط غليظ: