Page 270 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 270
العـدد 31 268
يوليو ٢٠٢1
تراوح الكاتبة بين الخط الغليظ ورشة الميتارواية في تابوته «يومها بكيت (كاتبي)،
والخط الرقيق ،محتكمة إلى قانون أجل ،بكيت فراقنا ،تمنيت لو أني
الميتارواية ،ورشة أخرى من
الخروج عن المتداول المكتوب ورشات الكتابة الجديدة في «هيباتيا أسعدته أكثر»( .ص)169
وإعطاء فرصة بديلة للعين كي اما الصوت السردي الثالث فهو
الأخيرة» ،وتقنية ما بعد حداثية صوت القارئ المشارك بدوره في
تمارس عرس التلقي. جاءت لكسر العمود التقليدي للكتابة الأحداث؛ لكن أ ًّيا كانت طبيعة هذه
وعليه ،تحضر غلظة الخط ابتداء المشاركة فلا خلاف أنها تجسد
الإبداعية ،والاشتغال عبر إجراءات الصلة المتينة بين الإبداع والتلقي،
من الصفحة ،7ويتخلل كل نصية تتأرجح بين التعليق والنقد كما تبطن دعوة إلى جمالية جديدة
صفحات الرواية حتى .وإذا كانت والتنظير ،وهو ما عبر عنه الناقد لتلقي النصوص المغامرة ،نقرأ
المغربي سعيد يقطين بـ(حضور
الغلظة مرادفة للقساوة والشدة بنية الخطاب النقدي) في الرواية. على لسان القارئ« :لن أغير
بحكم المتانة ،فمعنى ذلك أن السرد ،ولن أغير مسار الأحداث،
غلظة الخط تتحرك لتلتقط كل وعليه ،نلحظ أن الكاتبة تعمد في
روايتها لفضح لعبته السردية لكني أغير مجرى القراءة».
ما له علاقة بالهروب والفوضى من خلال التعليق عليها واللعب (ص)134
وواقع الحال« :المهاجرون ،الفيزا، بأحداثها وتحريك شخوصها،
ولتقديم صورة واضحة لبعض الصوت السردي الرابع ،هو
شهيد الهجرة ،العذاب الحقيقي، صوت المؤلفة التي يتعرف عليها
المجهول ،عاربون ،البلاد لم تعد القضايا النظرية التي أفرزتها رواية
«هيباتيا الأخيرة» ،نسجل محاكمة القارئ في الفصل الموسوم
كما كانت ،غادر.».. الكاتبة لمتخيلها الروائي ،لتحضر بـ(الكاتبة أمينة زريق لحظة
وعط ًفا على ما سبق ،تأتي تقنية «الراوية» بقصد التمرد على الرواية انبعاث) ،من خلال دعوتها إلى
الخط الغليظ والمضغوط ،لتكون والكاتبة« :أنا التي رويت ،أنا التي الاستغناء عن الرواة ،ثم وقوفها
شكلت ووضعت الملامح التي أحبها ضد تعنيف البياض ،وزيف
لافتًا بصر ًّيا ،ومنب ًها أسلوبيًّا الكتابة وأوهامها« :انكشفت
من شأنه إثارة انتباه القارئ لما لشخصيات طالما تقافزت داخل الوجوه الحقيقية وتعرت الأنامل
يحدث من وقائع ينبغي نشرها ذهني ،من تكون الكاتبة إذن ،هي الوهمية وظهرت سوءات الحقيقة
على حبال غسيل الرواية وبخط لا أحد بل لا شيء ،دمية أحركها والخيال»( .ص )224مما يدل
يشبه واضحة النهار ،إذ لا وقت على استيعابها للكتابة المغامرة
وأتجسد فيها»( .ص)51 الواعية ،والقائمة على إدراك لعبة
للتستر والإخفاء. في الرواية يمكن ملامسة البعد الحكي وفهمه من جوانب تختلف
باختلاف الرواة؛ اختلاف هو في
على سبيل الخاتمة السيري الذاتي ،عبر تسريب النهاية صورة مرآوية للتمزقات
معلومات عن حياة الكاتبة ،أو والاختلافات التي يعج بها الواقع.
مجمل القول ،رواية «هيباتيا سيرة الرواية وطقوس كتابتها وبالرغم مما يبدو من تنوع
الأخيرة» للتونسية أمينة زريق، والانتهاء منها ،مما يجسد الوعي الروايات ومن تباين وجهات
فيها كد واشتغال تجريبي شاق الفوقي بالحكاية ،وبروز أنا الكاتبة النظر الخاصة بين الرواة ظاهر ًّيا،
وممتع ،وليست صناعة مفتعلة، وصوتها :أنا أحكي «هيباتيا فإن عملية التشويش والخلخلة
بل ورشة للكتابة تعي ما تنتج، هي الخاصية التي تربط بينهم
الأخيرة». باطنيًّا ،وهي مهمة خصتهم بها
ونحن نقصد صناعة الرواية، المؤلفة بهدف خلخلة المحكي.
تلك الصنعة التي تأتي عن خلفية ورشة الخط
معرفية بشؤون الكتابة وألعاب نصل إلى ما يمكن أن نسميه
الشكل القصصي ومناورة اللغة بلعبة الأبيض والأسود ،حيث
ورهانات المعمار ،والكتابة أخي ًرا
هي ورشات للتجريب ،قبل أن
تكون أي شيء آخر