Page 84 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 84
العـدد 31 82
يوليو ٢٠٢1
كأن الحساب يخ ّل بشرط الجنة .هذا اليوم حار،
وابتهالات الصلاة في المعبد «أوووم ..أوووم» تردد
صدى لا ينتهي وهي تر ّن بداخلها ،كأن كيانها كله
معب ٌد شاهق فارغ .أرادت أن تستمر في السباحة
وأراد هو أن يعود إلى الكوخ للقيلولة ،قال :سأنضم
إليك فيما بعد ،سنركب قار ًبا شراعيًّا عند الغروب.
تعبت فجأة فتوقفت .استلقت على الرمل وأحست
بـ»أوووم» متضخمة ممتزجة بحرقة في جوفها ،لا
بد أن تحدث ابنها ،لم تعد قادرة ،عليها أن تكلمه،
سوف تتصل به .ج َّرت قدميها إلى الكوخ بتثاقل
وهي تفكر كيف ستكلم ولدها وماذا ستقول له،
استندت إلى الباب الموارب بهدوء ،خيّل إليها أنها
تسمع أصوا ًتا مكتومة ،نظرت من شق الباب ،كان
يحاول احتضان النادلة ذات الجسم الصغير التي
أحضرت عصير الأناناس ،يجذبها إليه بحسم.
فجأة أحس بوجودها ،صاح فيها فيما انسلّت
الفتاة :لم أقصد شيئًا ..صدقيني ..مجرد ..مجرد..
ثم صفق الباب وخرج.
بقيت لوحدها في الكوخ ،تشاهد عصير الأناناس
وهو ينسكب على الأرض الخشبية ،لا بد أن الفتاة
ارتطمت به في خروجها المتسرع ،لم تتمالك نفسها
من ملاحظة فستانها المتجعلك وهي تهرول ،لم ت َر
هذه الفساتين بالزهور الصغيرة متجعلكة أب ًدا من
قبل ،أخذ ذهنها يعرض عليها صو ًرا ثابتة :هما
في الطائرة مغادران حين نظر في طبقه بتململ،
لقد أكلا قبل الإقلاع لكن الطعام هنا مجاني على
أية حال ويبدو شهيًّا .كان من النوع الذي يأكل
احتيا ًطا؛ لئلا يجوع فيما بعد .وقد اكتسبت هذه
العادة منه ،عادة الاحتياط .فحين يتجولان ويلمح
دورات مياه ،سيصيح على الفور :من الأفضل أن
ندخل ،قبل ألا نجد حمامات أخرى .وإذا ُق ّدم الطعام
في رحلات القوارب سيقول :من الأفضل أن نأكل
كيلا نجوع لاح ًقا .كان من المضحك أن تتذكر هذا
الآن .هل عانق التايلندية احتيا ًطا؟
نظرت إلى بقعة العصير تحت قدميها مباشرة،
شعرت بالدوار لكنها سارت بثبات إلى الخزانة،
أخرجت جواز سفره ،قلّبته ،ثم بدأت تتخيل كيف
سيبدو لو ق ّطعته إلى نتف صغيرة ج ًّدا ،تتساقط
لتختلط بالسائل الأصفر على أرض الكوخ الخشبية.