Page 100 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 100

‫العـدد ‪32‬‬  ‫‪98‬‬

                                                        ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

‫عيانة أوي يا مس‪ ،‬امبارح جابت فستان جديد لونه‬              ‫البيت‪ ،‬وتقول إنها في منتصف العقد الرابع‪ ،‬وأن‬
  ‫أصفر‪ ،‬فردت شعرها الناعم‪ ،‬وقعت على السرير‪،‬‬                ‫جسدها لم يترهل‪ ،‬اشترت قميص نوم رخي ًصا‬
    ‫ومكانتش بتتكلم»‪ُ .‬و ِّفقت الكاتبة أ ُّيما توفيق في‬  ‫لونه أصفر‪ ،‬وحين عاد الأولاد وانتظم الجميع على‬
   ‫اختيار الطفل ببراءته لكي يروي ما جرى لأمه‪،‬‬           ‫مائدة الطعام تحدث فادي فقال‪ - :‬مس نور فرحت‬

‫وقد أصبحت نور أمام مواجهة أخلاقية‪ ،‬بما جعلها‬                                                   ‫بيّا ج ًّدا‪.‬‬
                       ‫تبكي لتغتسل من أنانيتها‪.‬‬           ‫سقط كوب الماء من يد جاد‪ ،‬فانصرف إلى حجرة‬
                                                         ‫النوم وأغلق الباب‪ .‬وفي ختام المشهد تذهب صفاء‬
                ‫***‬                                     ‫إلى حجرة النوم وترتدي القميص الأصفر‪ ،‬وتقترب‬
                                                           ‫من جاد الذي يضمها ثم يقول‪« :‬أنا ح اتجوز يا‬
      ‫القسم الرابع بعنوان «هناك أشياء أخرى»(‪،)6‬‬
   ‫تخبرنا صفاء أن أمها قد نصحتها بتجاوز أزمة‬                ‫صفاء»‪ .‬لجأت الكاتبة لأسلوب المفارقة ‪Ironic‬‬
 ‫زواج جاد‪ ،‬بعدم النبش فيها‪ ،‬وهذا يذكرنا بموقف‬                 ‫لتخبرنا بالفجوة بين جاد وصفاء‪ ،‬جاد يعلم‬
 ‫والدة «الست أمينة» في رواية نجيب محفوظ «بين‬
‫القصرين»‪ ،‬حين أرادت أمينة أن تعترض على تأخر‬                ‫وصفاء لا تعلم‪ ،‬وجاد يعلم أن صفاء لا تعلم ما‬
   ‫زوجها السيد أحمد عبد الجواد والسهر كل ليلة‬                                        ‫تنطوي عليه نفسه‪.‬‬
 ‫وتركها وحيدة في المنزل(‪ .)7‬هنا تبدو حيرة صفاء‬
                                                        ‫ثم يصبح شادي هو الراوي‪ ،‬فيخبرنا أن أمه فقدت‬
     ‫كأنها حيرة وجودية‪ ،‬هي واقعة في حب جاد‪،‬‬                  ‫الوعي‪ ،‬وأن أباه كان منزع ًجا‪ ،‬لقد رآها ابناها‬
   ‫متمسكة بأسرتها‪ ،‬لكن الأهم أنها كما تقول‪« :‬لا‬
                                                        ‫وهي بقميص النوم الأصفر‪ ،‬ويعلق شادي مل ِّخ ًصا‬
             ‫أعرف كيف تعاش الحياة من دونه»‪.‬‬               ‫المشهد كله‪« :‬لم تعد أمي التي أعرفها‪ ،‬كانت أنثى‬
  ‫يخبرنا شادي في سرد استباقي‪ ،‬أن الهاتف الذي‬               ‫مجروحة‪ ،‬نظراتها لأبي كانت سها ًما يتحاشاها‬
                                                                                          ‫حتى المساء»‪.‬‬
     ‫اشتراه له أبوه‪ ،‬ربما يكون ثمنًا مقد ًما لخيانة‬          ‫هنا أي ًضا نرى صوت الراوي العليم‪ /‬الكاتبة‪،‬‬
  ‫مرتقبة‪ .‬وهذا التحليل لا يليق بشادي‪ ،‬بل هو من‬           ‫مختل ًطا بصوت شادي‪ ،‬ثم تنتقل الكاتبة إلى مقطع‬
                                                            ‫بعنوان «النوايا الحسنة لا تكفي»‪ ،‬ونسمع نور‬
    ‫بنات أفكار الراوي العليم‪ /‬الكاتبة‪ ،‬لكنه مقبول‬           ‫تروي كيف أغوت جاد‪ ،‬فقد هددته إن لم يتمم‬
    ‫ومفيد في تقدم السرد نحو القمة الثانية للأزمة‬            ‫الزواج فسوف تقطع علاقتها به‪ ،‬وتلجأ الكاتبة‬
  ‫الدرامية‪ ،‬بعد أزمة خبر الزواج‪ .‬ثم تختار الكاتبة‬          ‫لأسلوب «الحديث غير المباشر» لكي تطلعنا على‬
 ‫الطفل فادي لكي يخبرنا بغياب نور وتركها العمل‬               ‫مشاعر الطفل فادي‪ ،‬فتروي نور كلامه‪« :‬ماما‬
  ‫في المدرسة‪ ،‬فكأننا أمام هواجس شادي‪ ،‬ومعرفة‬
  ‫فادي قد تكشفت‬
 ‫لنا حقائق جديدة‪.‬‬
   ‫ثم نسمع تبري ًرا‬
  ‫جدي ًدا يقدمه جاد‬
‫إذ يقول عن صفاء‪:‬‬
   ‫«ركوعها أمامي‬
   ‫وبكاؤها في ليلة‬
     ‫الأمس ن ّف َرني‬
 ‫بشدة منها‪ .‬ليست‬
 ‫شريكتي‪ ،‬بل عبئًا‪،‬‬
 ‫يزعجني تصنيفها‬
    ‫على هذا النحو‪،‬‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105