Page 96 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 96
العـدد 32 94
أغسطس ٢٠٢1
سهير السمان
(اليمن)
موعد آخر
الموجود عليه ،وفتحت باب مكتبي .جلست على الكرسي كان يوم تأبى فيه الشمس أن تكشف عن أستارها،
لأسترد أنفاسي التي تتلاحق ،أخذت أفكر في هذا الجو وبقي ُت في فراشي أتأم ُل الضو َء الباهت لهذا الصباح ،لم
الغائم الذي يغريني لمغادرة مكتبي لأستنشق نسيم هذا أتبين حينها كم هي الساعة ،لقد توقفت ساعتي الحائطية
المطر ،سأكمل بعض العمل على جهاز الكمبيوتر ،وأغادر
بعدها إلى التمتع بهذا الجو .ضحكت حين اكتشفت أن ليلة أمس.
الجو بارد بعد أمطار استمرت طوال الليل ،وبعد شهر من
الجهاز أي ًضا اختفى توقيته. صيف حار أرهقني العمل فيه كثي ًرا .أشعر بنسيم الهواء
تركت مسألة الوقت جانبًا ،وانشغلت بعملي ،تذكرت فجأة
يتسلل ،يدفعني لأخذ إجازة لبضعة أيام ،ولكن في مكان
أن لد َّي موع ًدا مه ًّما في الحادية عشرة صبا ًحا ،موع ًدا آخر أنسى فيه كل من حولي ،أقفل التلفاز والأصوات
سيغير مجرى حياتي ،ولكني لم أعرف إلى الآن كم بلغت
الساعة ،نهضت من على الكرسي سري ًعا ،شعرت بدوار ونشرات الأخبار ،أطلق قدم َّي فقط لتحلقان دون أحذية.
في رأسي ،ضربات قلبي تنبض بسرعة ،أخاف أن تكون قطرات المطر عادت لترتل لحنًا حزينًا ،ما لبث أن أصبح
الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة صبا ًحا! إيقا ًعا عاليًا انتشلني من سريري ،كم ستكون الساعة
نزلت السلم سري ًعا إلى الطابق الأول ،والدوار يزداد في الآن؟
رأسي ،ونبضات قلبي تتسارع بشكل مفاجئ ،ما يهمني
نهضت واتجهت نحو دولابي لألقي نظرة على ساعتي
الآن هو أن أعرف كم صارت الساعة! اليدوية ،لكني لم أجدها ،شيء نادر ما يحدث اليوم ،لا
لمحت أحد الزملاء ،ورفعت صوتي قلي ًل ليستمع إلى
ساعة لأعرف الوقت.
سؤالي المجهول جوابه منذ الصباح :كم الساعة لو استكملت طقوس التجهيز اليومي للذهاب إلى العمل،
سمحت؟ سمعت باب المنزل يفتح ويغلق ،علمت أن أخي قد ذهب
كانت نبضات قلبي ما تزال تتسارع وكأنها تتزاحم في إلى عمله ،إ ًذا لم يبق أمامي متسع من الوقت.
الخروج من جوفي الذي بدأت تبرد أطرافه ،وعندما ه َّم حين وصلت إلى عملي لم أكن أعلم بعد كم أصبحت
الزميل الكريم بالإجابة عن سؤالي التاريخي لهذا اليوم الساعة ،ولكن حافظة الدوام قد رفعت ولم أوقع على
كانت آخر نبضة قد غادرت جوفي. حضور هذا اليوم.
أخرجت هاتفي المحمول الذي هو أي ًضا قد غير التوقيت