Page 94 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 94
العـدد 32 92
أغسطس ٢٠٢1
هايدي عمار
مصحة الاختلافات الشخصية
سكان عنبر رقم خمسة حالة نادرة ،ملف حالتهم يخطط مدير المصحة لقتل نزلاء عنبر رقم خمسة.
فارغ ،ما الذي يمكن كتابته على الورق المتهالك لا أدري ما السبب ،لكنه نوى وخطط والتنفيذ بعد
الخاص بالمصحة؟ سبب وجودهم إنهم هنا دقائق ،مجرد دقائق قليلة ،وتذهب ثلاثة أرواح لم
مختلفون! تفعل أي شيئًا سوى أنها كانت مختلفة عن البقية،
عزيز ،أو كما تحب أن ندعوها «مس عزيزة» ،أول كلنا مختلفون ،ولكننا نجيد إخفاء اختلافنا ولا
المختلفين والأقدم بينهما ،الخطيئة التي ارتكبتها نظهره على السطح.
هي أنها لم تتأقلم مع الثوب الداكن الذي اختير لها أما الثلاثة المساكين فتكمن مشكلتهم في كونهم
عند الولادة واستبدلته بالثوب الآخر المليء بالألوان، أعلنوا اختلافهم ،وكانت النتيجة هي وجودهم هنا
وهذا الأمر لم يعجب من حولها ،فتركتهم ،غيرت لسنوات.
البيوت والعناوين ،ولكن الماضي لا يتغير ،وصمة يجب عليَّ تحذريهم ،ولكن لا مجال الآن ،باب العنبر
اختلافها لاحقتها في كل مكان كانت تذهب إليه، مغلق يقف بجواره اثنان من الممرضين الصلع
بإمكان البشر نسيان كل شيء عدا المختلفين. ضخام البنية.
انهارت ،خافت ،ضعفت ،حاولت العودة لسيرتها ما الذي بإمكان طبية شابة فعله في هذه المصحة
الاولى ،والادعاء أنها رضيت بالثوب القديم ،على العتيقة التي جاءت إليها قبل أسابيع قليلة فقط.
الأقل أمام أعين من حولها ،أما بينها وبين المرآة هل يمكنني تناسي كل ما سمعته قبل عشرة دقائق
فكانت عزيزة تتمايل ،وترتدي فساتين السهرة
واعتباره مجرد أوهام؟
وتضع مساحيق التجميل. إنه لم يتفق على جلب قتله مأجورين لكي يسفك
في أول مره قابلتها شتمتني قائلة« :مين سمح لك دماء المرضى الثلاثة المساكين بعد غروب الشمس،
يا ملعونة أنتي والكلب -تقصد مدير المصحة ،بدأت ولا ينوي قتل أي مريض مختلف عن باقي المرضى.
عزيزة في إطلاق هذا اللقب عليه وقلدها عدد لا بأس «مصحة الاختلافات الشخصية» ..هذا المسمى
به من النزلاء بعد ذلك-؛ إزاي ست في سني تعيش
وتنام وسط الرجالة! أنا في المكان الغلط ،أنا مكاني أفضل بكثير.
أغلب نزلاء المصحة مثل باقي البشر الموجودين
في عنبر الحريم». خارجها ،مجرد حظ أعرج أو سوء أحوال جغرافية
كانت محقة ولكن اللوم يقع على البطاقة الشخصية
هي من تحدد وجهتنا ،ومدير المصحة يعبد الأوراق قدرية ألقت بهم هنا ،لو كانوا في «بلاد بره»
الشخصية ويسبح بحمد الروتين ،ولا يكترث كثي ًرا لأصبحوا مشاهير تنشر صورهم على أغلفة
المجلات .هناك يرحبون بالمختلف أو على الأقل لن
إلى علم الأحياء ولا علم النفس ،تلك بدع غربية
يتم حبسه.