Page 90 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 90

‫العـدد ‪32‬‬         ‫‪88‬‬

                                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

                                                        ‫وليد العقاد‬

                                                             ‫(فلسطين)‬

                                                   ‫مو ٌت أليف‬

‫موت قطتي ترك أث ًرا واض ًحا في قلبي‪ ،‬وعلى ملامح‬
   ‫وجهي ارتسمت خارطة من الأحزان‪ .‬لم أستطع‬
    ‫تجاوزها بسهولة‪ ،‬لم أتخيل أن تموت قبلي‪ ،‬لقد‬

 ‫تركت لي حياة فارغة‪ ،‬وانطباعات سيئة عن الحياة‬
                     ‫أضافتها إلى حصيلة عمري‪.‬‬

‫شعور الفقد‪ ،‬سبب عندي انفجا ًرا لمخزن المشاعر في‬
 ‫قلبي‪ ،‬تناثرت كل أحزاني وبقي حز ٌن واح ٌد متفر ٌد‬
  ‫بعظمته‪ ،‬لم أدخر وقتًا للحزن‪ ،‬فقد بدأت مباشرة‬
‫بحالة اكتئاب‪ ،‬أصبت بعدها بالوحدة المزمنة‪ ،‬أقلعت‬

   ‫عن النوم‪ ،‬أدمنت شرب الدخان والقهوة‪ ،‬لم تكن‬
    ‫رئتاي اللتان تسعلان كل دقيقة تهماني‪ ،‬ولا‬
    ‫وجهي الذي أخذ يتقشف كصخرة كالحة‪،‬‬

‫أصبحت قواي منهارة وعزيمتي على مواصلة‬
 ‫الحياة تفتر شيئًا فشيئًا‪ ،‬شعرت أن حياتي‬
   ‫تخرج عن إطارها الصحيح‪ ،‬وتتجه نحو‬
‫مسا ٍر معتم‪ ،‬نهاية مجهولة تنتظر بطلها أن‬
                ‫يحل عليها بكامل ضعفه‪.‬‬
  ‫أثناء انشغالي بالتفكير‪ ،‬تلعثمت خطواتي‬
 ‫بالأرض‪ ،‬ذقت طعمها وأدركت أن حياتي‬
 ‫بائسة‪ ،‬وأن التفكير بإنهائها إهانة حقيقية‬

‫للموت‪ ،‬وأن الخلاص الوحيد‪ ،‬هو أن أتعفن‬
 ‫واق ًفا أو أحرق مع أفكاري المختلة‪ .‬يستمر‬

   ‫الوقت بالتقدم‪ ،‬والوجع في مكانه‪ ،‬كانت‬
 ‫الريح تصفعني كل مساء‪ ،‬دون أن يشعر‬
 ‫جسدي بالقشعريرة‪ ،‬كن ُت بلي ًدا لدرجة أن‬
   ‫جلدي أصبح مصن ًعا صغي ًرا لملح الطعام‪.‬‬

     ‫مرت الأيام بشكل بطيء‪ ،‬لم يغادر الموت‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95