Page 93 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 93
91 إبداع ومبدعون
قصــة
صراحة مي ًل له ،وحين وصله اعترافها «أراه رو ًحا معرو ًفا!!
جميلة في جسد لا يملك ملامح ما أنتظره» ،وتعمدت -كيف؟
-هل تتذكرين!!
تجاهله! رأيت وج ًها غريبًا غير وجه محدثي ،غار ًقا في
ذات يوم اشتعل بدن شهوته بعد سماع «عندما النوم ،أمرني الصوت:
ترحل وتنأى لا غيرك أكثر قر ًبا ،أعبر حدودي -تذكري واستعيدي ما حدث له.
وأتوحد بك» ،تمرغ أيا ًما عار ًيا فوق نباتات الشوك -من!!
والصخور ،حتى تمزق جلده ،يداوي جراح جسده -من اتخذ صومعة في كهف صحراوي ،وعاش
بجراح قلبه! وتوارث الخلق حكي ما حدث عبر عزلة الرهبان ،قريبًا من الدير ،يكافح ظل امرأة
لا ينساها ،وأفسدت خلوته ،شاع أنه غريب عن
الأزمنة بصور تعددت! الصحراء ،جاء من قارة أخرى بعد الأربعين
ارتجف ُت مما أسمعه عاجزة عن نطق أو تساؤل ،لا سنة الأولى في حرب المائة بفرنسا ،كان الباباوات
غير خفق الخوف وأنفاسه ،حين معايشة مواجع يمنحون الملوك موارد الكنيسة مقابل الحماية،
وفشل الباباوات والملوك في وقف الحرب ،وعانت
العاشق وزمنه! الكنيسة الخراب ،وارتاب الناس في رجال الدين،
أنتظر فتح عيون محدثي وعودة ملامحه كي أخرج وساد انحلال في تطبيق العقيدة التي لا يستجيب
لها الرب بالدعاء .وكان هو أبعد رجال الدين عن
من دوامة ما سمعت، الفساد بعلمه وفكره ونقائه ،يؤمن أن حواء صديقة
أخي ًرا ،فتح عينيه واطمأننت، الشيطان المقربة! التي أغوت آدم ،وراجت نبوءة أن
الله يرسل فتاة عذراء تنقذ فرنسا من حرب الفساد،
وظل صامتًا. ولم يقتنع أب ًدا! واشتدت حركة الخلاص منه ،خرج
ربما أغراه هلعي وهز رأسه« :تخافين! تلك ولا يدري ما يفعل ،وجد نفسه في الصحراء محم ًل
المتسلطة مرعوبة ،تؤمن بالخرافة ،وحكي العشق بآلام المسيح في أورشليم ،أعجب بورع التصوف
تنصت له وتعبر مقاماته ،يجذبها السحر والسحرة، الجديد في الأديرة وفكر إدخاله إلى فرنسا ،كانت
وأساطير الخوارق! وتأكل مع الملائكة وجبتهم من تشبهك تكتب أشعار عشق هائم بالتصوف،
المفضلة! وتواجه القسوة باعتراض شرس». وهي صائمة رأت نو ًرا فوق رأسها وصو ًتا يهتف:
لم تشغلني أحكامه ،شغلني البحث في الأزمنة عمن «اذهبي للصحراء» ،هناك تواصلت أشعار هائمة
عانى وتألم ،وكيف أكفر عما ارتكبت من إثم؟! بينهما ،ولم يق َو هو على التزام قانون العفة والطاعة،
ناديت اس ًما لا أتيقنه وظللت أنادي من لا يسمعني والله وحده شهد ما أحسه ،عذاب تأويل الأشعار،
حتى غمرني الضوء ،قال من يجالسني :لأول مرة وعناق يده ليدها ،ينتظر في سكينة متغاف ًل
ومنصر ًفا ،وتلتف الأشعار وتدور تؤرقه ،ولا تعلن
تنقطع الكهرباء وقتًا طوي ًل.
حين عم الظلام والصمت ،تخيلت أنك ترك ِت
الجلسة والجالس ،طمأنني صوت أنفاسك.
مد يده وناولني عصير الر َّمان الذي سخن ،وأمرني
بشربه على عجل ،كي نلحق العرض .هممت واقفة
أتمعن في وجهه وما أود قوله!!