Page 104 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 104

‫العـدد ‪32‬‬  ‫‪102‬‬

                                                     ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

  ‫الحوار يصبح مؤث ًرا ج ًّدا في بنية السرد‪ ،‬ويغيب‬                                ‫لقضية المرأة المغوية‪.‬‬
 ‫الوصف تما ًما‪ ،‬وفي ختام النص يظهر الراوي على‬            ‫أما تيسير النجار فقد جعلت قصة المرأة المغوية‬
  ‫خشبة المسرح فيكسر الإيهام المسرحي ويتحدث‬            ‫أكثر تعقي ًدا وعم ًقا‪ ،‬فالجانب الاقتصادي واضح في‬
 ‫إلى القراء‪ /‬النظارة كما ذكرنا فيما سبق‪ .‬إن نص‬        ‫حياة كل من نور وصفاء‪ ،‬إحداهما تعمل والأخرى‬
                                                        ‫ربة منزل‪ ،‬كما أن وضع جاد قد انهار اقتصاد ًّيا‬
    ‫رواية تيسير النجار «مثل أسرة سعيدة»‪ ،‬نص‬             ‫حين أحالته المصلحة للمعاش المبكر‪ ،‬وهنا نلمس‬
    ‫درامي لا ينقصه إلا مع ّد مسرحي أو أخصائي‬         ‫أن الجسد كان عرضة للضغوط‪ ،‬وقد نقول عرضة‬
   ‫دراما(‪ Dramaturge )14‬يستطيع أن يجعل منها‬            ‫للإهانة بحسب الوضع الاقتصادي‪ ،‬وهذه مسألة‬
                                                     ‫مهمة‪ .‬والأهم أن غواية الجسد لم تمض هكذا بدون‬
                               ‫مسرحية ناجحة‪.‬‬         ‫مقاومة من غوايات الروح‪ ،‬فقد تعددت الأصوات في‬
                                                       ‫القصة‪ ،‬ولم تكن الحبكة واحدة بسيطة‪ ،‬بل حبكة‬
               ‫خاتمة‬
                                                                                       ‫معقدة عميقة‪.‬‬
    ‫إن الدراسة السردية للعمل الذي كتبته تيسير‬
   ‫النجار بعنوان «مثل أسرة سعيدة» بينت أن هذا‬                        ‫***‬
  ‫العمل ينتمي للقصة الطويلة أو الرواية القصيرة‬
‫«نوفيللا»‪ ،‬وقد نجحت الكاتبة في صياغة عمل أدبي‬            ‫يرى النقاد أن مقولة أرسطو القديمة عن أنواع‬
  ‫سردي عميق الدلالة‪ ،‬انطوى على معا ٍن متشابكة‪،‬‬        ‫الشعر‪ :‬ملحمي‪ ،‬وغنائي‪ ،‬ودرامي‪ ،‬لا تزال صالحة‬
‫وحمولات دلالية‪ ،‬وظهرت في بنيته النزعة الدرامية‬
‫التراجيدية‪ ،‬كما انطوى الخطاب السردي على حيل‬             ‫لتصنيف الأنواع الأدبية الحديثة‪ ،‬حتى لو أخذنا‬
   ‫بلاغية لغوية وأسلوبية‪ ،‬أهمها المفارقة‪ ،‬أسهمت‬            ‫بمبدأ التداخل لا الانفصال واستقلال الأنواع‬
‫في جدارة العمل وتقدير قيمته تقدي ًرا عاليًا‪ ،‬كما أن‬
  ‫تيمة ‪« Theme‬المرأة المغوية» لم تستغرق الحبكة‬        ‫والأجناس‪ ،‬لذلك يقول خيري دومة‪« :‬إن النوفيللا‬
  ‫بتمامها‪ ،‬بل قاومت إغوا َء الجسد إغواءا ٌت أخرى‬     ‫تقع بين القصة القصيرة والرواية والتراجيديا»(‪،)13‬‬
  ‫للروح‪ ..‬وأخي ًرا فإن هذه الرواية القصيرة سوف‬         ‫وقد لاحظنا أن نص قصة «مثل أسرة سعيدة» به‬
   ‫تصبح عم ًل مسرحيًّا ناج ًحا‪ ،‬إذا أحسن إعدادها‬
                                                       ‫معالم البنية الدرامية واضحة جلية‪ ،‬إنه تراجيديا‬
                        ‫وقدمت لجمهور النظارة‬               ‫محكمة البناء‪ ،‬تظهر الشخصيات كلها في أول‬
                                                          ‫مشهد كأننا أمام «رواية أصوات»‪ ،‬ثم تتحول‬

                                                      ‫الكاتبة إلى أسلوب آخر يتعدد فيه الساردون‪ ،‬لكن‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

                                                          ‫* أستاذ النقد والأدب الحديث جامعة دمياط‪.‬‬
        ‫‪ -١‬لا يوجد تعريف واضح للنوفيللا‪ ،‬يقول آيان ريد «هناك قصص منفردة متوسطة الطول‪ ،‬وهناك‬
‫مجموعات قصصية تجمعها أفكار محورية واحدة ‪ Themes‬وهناك علامات دالة‪ Motifs‬وشخصيات متصل‬
 ‫بعضها ببعض‪ ،‬وهناك مجموعات قصصية يجمعها إطار واحد»‪ .‬راجع‪ :‬آيان ريد (‪ )١٩٩٠‬القصة القصيرة‪،‬‬

                                            ‫ترجمة د‪.‬منى مؤنس‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ص‪.٨٧‬‬
   ‫‪ -٢‬راجع مفهوم الحكاية كما تعرفه نظرية السرد في‪ :‬محمد القاضي وآخرون‪ ،‬معجم السرديات‪ ،‬تونس‪،‬‬

                                                                                           ‫ص‪.١٤٨‬‬
    ‫‪ -٣‬تيسير النجار (‪ )٢٠٢٠‬مثل أسرة سعيدة‪ ،‬متتالية قصصية‪ ،‬دار تويا للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬صص‪.١٧ –٧‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109