Page 108 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 108
صفاء ،لكن بين رغبتة في نور وإحساسه يتعدد مستوى النظر إلى المشكلة
بقلة وتضاؤل صفاء بالمقارنة معها ،يتسع
الحدث عبر تتبع المتتاليات ،ما ًّرا بالتفاصيل بتعدد الشخصيات التي تراوح في
والمشاعر ،معتم ًدا هذه المرة على: تمثيلها ،لكل شخصية قصتها الخاصة
-2اتساع الرؤيا وإن كانت متورطة في نسج الحكاية
ستتعلق هذه المسألة بالكتابة بطريقة كلها ،وسيكون من المناسب ج ًّدا اختيار
المتتالية التي تمنح كل شخصية حقها في أن مقاربة السرد العائلي إلى هذه المتتالية،
تمر عليها الأحداث والشخصيات لتتفاعل وسيعرف هذا المفهو ُم طري َقه إلى
معها وفق رؤيتها الخاصة ،العلاقات هنا النق ِد الأدب ِّي بفضل الناقد ِة الفرنسي ِة
متساوية ولا تقوم على صراع ،إنما على مارت روبير في كتابها الشهيِر الصادر
تعدد مسموح يترك للسرد إمكانية الابتعاد سنة 1972م تحت عنوان :رواية الأصول
عن المواقف الحادة أو التصنيف الأخلاقي
الواضح ،.الرؤيا هنا تتغير بتغير زاوية وأصول الرواية .وهو يقوم على بحث
النظر ،فالمعلمة نور مث ًل من وجهة نظر
فادي الابن ،ليست هي من وجهة نظر الأب، العلاقات العائلية وطرائق تمثلها
نصل نحن جمهور القراء إلى تلك الرؤى في الغالب
عبر اعتماد المنلوج الداخلي «نفترض أن بوليفوني َة الإشارات العابرة إلى مشكلة ما تفتح بؤرة
المونولوج الداخلي هي الشك ُل السرد ُّي الأكث ُر توتر ،وتثير الفضول لإكمال السرد:
تميي ًزا لمحك ِّي»(.)3
بدل ملابسه بصمت؛
«أحب اللغة العربية لأن المعلمة نور تحبني ج ًّدا،
لماذا لا تعطينا كل المواد؟ سألتها في نوبة ٍجرأة تغير جاد كثي ًرا في الفترة الاخيرة ،لا أعرف
السبب،
إن كان لديها أطفال ،أخبرتني أنها لم تتزوج
بعد ُ،تذكرني بأمي وتضع ذات العطر ،غير أنها خده على ُقبلة طبعت يغلق ُه أن قبل فتح الباب،
تضح ُك دو ًما ،لا تبكي أب ًدا ،ربما تبكي في المساء الأيسر،
داخل منزلها الذي لا أعرفه ،أمرت التلاميذ أن
يصفقوا لي ،قرأت المقطع ثانية بصوتها الواثق ثم ر َّب َت على كتفي وذهب.
شرحته ،عيناها تلمعان ،هل داخلهما قمر يعكس سيمتد هذا الحدث البسيط /التغيير الذي وضتعه
أشعة الشمس؟ انقضى اليوم بضيق ،سلبت في صدر المتتالية الزوجة المرتابة ،يشرح نفسه عبر
سندوتشاتي مثل معظم الأيام ،أعطونا الكثير من
متتاليات قادمة :روحي ،حائرة ،حيرتها تتعبني:
الواجبات ،قبلتني معلمتي نور قبل أن أذهب».
الرؤيا هنا تساوي المنظور الذي حدده أوسبنسكي «أنا الكسول ج ًّدا ،لماذا استجبت لرجاء (فادي)
بوضوح ،وهو أحد الشكلانين الروس ،اتخذ من وحضرت حفل نهاية العام الدراسي الماضي؟
سؤال :من الذي يرى؟ أسا ًسا يحدد عليه المنظور
رأيت (نور) التي عصفت بي ،هي شمس جعلت
الذي قسمه إلى أيديولوجي ونفسي ،ولعل أحد
تحديات القصة القصيرة هي تلك البؤرة النفسية شمعة (صفاء) تنصهر بضوئها الضعيف ،شلال
العميقة التي توجهها للشخصيات ،فتفصح عن من الماء الذي جرى بروحي المتصحرة ،تكبر ابني
طرائقهم في فهم الحياة أو الأحداث ،في هذا النوع (شادي) بسنوا ٍت قليلة ،أحببتها منذ النظرة الأولى
التي كنت أسخر من المؤمنين بها».
يستند سرد العائلة في الحدث إلى علاقة نمطية
ضمن إطار مؤسسة الزواج ،تحمل معها بذور
تلاشيها وذوبانها في اليومي والآني الذي
سيتوقف عن أية محاولة لبعث ضوء دهشة جديد،
نفترض أن الصراع لا يقوم بين جاد وزوجته