Page 112 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 112
العـدد 32 110
أغسطس ٢٠٢1
من حياة رتيبة -لا مكان للفرح -هناك أشياء الاجتماعية للأسرة المصرية .تدور أحداث المتتالية
أخرى -تساؤلات مح ّملة بالألم) ،ويندرج تحت حول أحداث يومية بسيطة لا يمكن أن يجهلها
ك ٍّل منها مجموعة من القصص لا تتع ّدى في أغلبها
حجم الصفحة الواحدة .والجدير بالذكر أ ّن كل قارئ أ ًّيا ما كان؛ فهي عن أسرة صغيرة تتك ّون من
عنوان تصاحبه صورة معبّرة ،وهنا تتب ّدى القيمة أب (جاد) وأم (صفاء) وولدين (شادي وفادي)
الجمالية للفضاء النصي ،وكأن الكاتبة تريد أن يعيشون حياة لا تختلف مطل ًقا عن حياة أغلب
تعلن بوضوح عن «مقصديتها» في تقسيم الحدث الأسر في المجتمع المصري ،إلا أ ّنه روي ًدا يتسلل
السردي إلى مجموعة من القصص بوضع صورة إليها الرتابة والملل ،لتظهر حالة حب بين الأب
ومعلمة أحد ولديه (نور) تنتهي بالزواج منها
في بداية كل قسم ،بل وتبالغ بإضافة صفحة وإنجاب ولد آخر (هادي) .تبدو الأحداث شديدة
بيضاء قبل وبعد كل قصة ،الأمر الذي يحمل شحنة
يقينية لدى القارئ أ ّنه لا يقرأ رواية ،وإنما مجموعة البساطة والألفة التي ُرغم حميميتها تخلق نو ًعا من
المكاشفة لواقع أكثر الأسر المصرية التي لا تتبين
من القصص.
يأتي تقديم الكاتبة لأسرة السيد (جاد) ،تلك تس ّرب الرتابة إليها؛ لتترتب على تلك المكاشفة دفقة
الأسرة التي تتمركز حولها بؤرة الحدث السردي، شعورية من الأسى والحزن لدى القارئ جراء
انكشاف الواقع في مرآة ذلك العمل الأدبي.
ويتكرر ظهور كل أفراد تلك الأسرة في كل
النصوص ،مما يؤكد على وجود أول رابط سردي المتتالية القصصية ..لماذا؟
بين تلك النصوص وهو الشخوص (الأسرة) ،وما
يستلزم بالضرورة وجود الرابط الزماني والمكاني. إن كانت نصوص المتتالية تدور حول موضوعة
وعليه ،تتمظهر قوتان ضديتان :الربط -المركزية، تقليدية عن واقع الأسر المصرية؛ فلماذا لم تق ّدم
والتش ّظي -التعددية ،داخل العمل الذي دفعت به إلى الكاتبة نصوصها في شكل تقليدي أي ًضا -الرواية
مساحة المتتالية؛ وكأن لسان حال الكاتبة يقول إنها مث ًل؟ لماذا تشرع الكاتبة في تقديم تجربتها الإبداعية
حين تتحدث عن الأسرة المصرية -المج ّسد الحقيقي عبر المتتالية القصصية بالتحديد؟ أو بمعنى أد ّق ،ما
والأقوى للترابط الاجتماعي والعاطفي -فإن هذا الجديد الذي تق ّدمه المتتالية القصصية وليس ممكنًا
الترابط ليس حقيقيًّا كما يبدو ،وهو ما تسفر عنه
تو ّف ُر جمالياته في القصة القصيرة أو الرواية؟
دلالة كلمة «مثل» في عنوان المتتالية (مثل أسرة إن الإجابة على هكذا سؤال تضع المتلقي بلا شك
سعيدة)؛ فالأسرة التي على وشك الظهور (تحاول إزاء البحث في آليات العملية الإبداعية من ناحية
أن تبدو سعيدة) أو ر ّبما تلعب دو ًرا تمثيليًّا (كأنها وجماليات هذا
سعيدة) ولكن هذه ليست الحقيقة ،وليس هذا هو الجنس الأدبي
الواقع ،ولكن انعكاس مرآوي له. من ناحية
أخرى.
قوى الجذب والطرد السردية
تنقسم مجموعة
لا شك في أ ّن المتتالية القصصية تطرح في فلسفتها «مثل أسرة
المبدأ الجشطلتي « Gestaltالكل أكبر من مجموع سعيدة» إلى
أجزائه»؛ ويقصد بهذه العبارة في هذا الصدد أن
مجموع القصص (الأجزاء) بين دفتي الكتاب في خمسة أقسام،
الحقيقة أكبر من المجموع الحسابي لها (الكل) ،ذلك كل منها يحمل
لأن هناك قوى ربط جاذبة centripetal forces عنوا ًنا منفص ًل
تقوم بربط هذه الأجزاء؛ فلا يمكن تل ّقي كل قصة (الأحلام أكثر
صد ًقا من
الواقع -يوم