Page 115 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 115
نون النسوة 1 1 3 وتبرز مقصدية الكاتبة من هذه الجمل المتلاحقة
المباشرة على المستوى الثيمي في إبراز إيقاع الحياة
في الفترة الأخيرة ،لا أعرف السبب ،فتح الباب، الروتيني السريع الذي يشبه العجلة الكبيرة التي
قبل أن يغلقه طبعت قبلة على خده الأيسر ،ر َّب َت تدهس تحتها المشاعر ،ولا تدع مجا ًل للتعبير عن
على كتفي وذهب» .تبدو اللغة مقتصدة شديدة جماليات الحياة؛ تقول (صفاء)« :نهض (شادي)..
الاختزال ،ولعل السبب وراء هذا الاختزال والتكثيف ارتدى ثيابه ووقف قلي ًل ،حتى دخلت الغرفة ،ثم
اللغوي يرجع إلى اتكاء الكاتبة مسب ًقا على مرجعية أعطيته مصروفه ،وضعت الآخر في حقيبة (فادي)،
المتلقي المعرفية وخبرته الحياتية بالأحداث اليومية.
ومن ث ّم ،يتكرر نمط هذه الجمل السردية سريعة كان يتبعني بضيق لأن يدي عبثت في محفظته،
ودعتهما ،ب َّدل ملابسه بصمت؛ تغير (جاد) كثي ًرا
الإيقاع التي على الرغم من جمودها في الغالب
ونقلها شحنات الإحباط ،فإنها تعكس حالة النفور
بين أفراد الأسرة إلا أ ّن مستوى اللغة النمطي يربط
شتات تلك المشاعر المتنافرة .وعليه ،يتب ّدى تحول
التقنية الواحدة وتغير الروابط أحيا ًنا بحيث تكون
الأنماط المتحكمة فيها شديدة المراوغة.
-3الصوت البوليفوني
كقوة طاردة /جاذبة:
تنماز متتالية «مثل أسرة سعيدة» بوجود مستويين
من وجهات النظر :المركزية -المتمثلة في صوت
الراوي العليم ،واللامركزية -المتمثلة في تعددية
الأصوات أو الصوت البوليفوني .ويترتب على
ظهور هذين المستويين وجود حالة من التوتر في
وجهات النظر والصوت السردي داخل المتتالية؛
صوت الراوي العليم الذي لا يفتر عن التحكم في
الشخوص وفرض سيطرته ومن ورائه سيطرة
الذات المبدعة على الأحداث ،في مقابل تعددية
الأصوات التي تمنح المتتالية سمة الـ»دمقرطة»
ومن ث ّم الدخول إلى تفاصيل كل شخصية من
وجهة نظرها .ولا يمكن إغفال القيمة الجمالية
والدلالية لذلك التوتر القائم بين المستويين
السرديين ،فصوت الراوي العليم واقع قدري يبدو
متحك ًما في مصائر الشخوص ،حتى وإن اجتهدت
في بحثها عن السعادة والجري والفرار من القدر
وراء أحلامها الفردية.
تتمثّل تعددية وجهات النظر منذ القسم الأول
المعنون (الأحلام أكثر صد ًقا من الواقع) التي تظهر
فيها شخوص المتتالية الخمسة (صفاء -شادي-
فادي -جاد -نور) بهذا الترتيب النمطي الذي غالبًا
ما تلتزمه الكاتبة في كل قسم من المتتالية لتروي