Page 116 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 116
يحمل دلالة السعادة في وجود كل أفراد إن كانت نصوص المتتالية تدور حول
اٍلأسرة إلى جانبها ،بينما يظهر (جاد) وهو
موضوعة تقليدية عن واقع الأسر
يركض في الصحراء يجري لاهثًا وراء
(نور) ،وفي الوقت نفسه تجري (صفاء) المصرية؛ فلماذا لم تق ّدم الكاتبة
خلفه للحاق بهُ .تروى هذه الأحلام جميعها
-التي تنتهي بالاستيقاظ المفزع -على لسان نصوصها في شكل تقليدي أي ًضا-
الراوي العليم ،مما يمنحه صو ًتا مركز ًّيا
يجذب الشخوص م ًعا لتدخل قس ًرا داخل الرواية مثًل؟ لماذا تشرع الكاتبة في
عجلة السرد ،لتبدأ قوة الدفع بسرعة تقديم تجربتها الإبداعية عبر المتتالية
عبر قصص المتتالية .وفي القصة الأخيرة
بعنوان «لأن النهاية حيلة بشرية» يتب ّدى القصصية بالتحديد؟ أو بمعنى أد ّق ،ما
صوت الراوي العليم جليًّا في مشهد يبدو
فانتاز ًّيا ،لا بالمعنى الحرفي للكلمة وإنما في الجديد الذي تق ّدمه المتتالية القصصية
واقعية حدوثه ،يقول الراوي في جملة يجمع
فيها الشخوص(« :نور) تساعد (شادي) وليس ممكًنا تو ّفُر جمالياته في القصة
و(فادي) في المذاكرة ،تعد (صفاء) الطعام( ،هادي)
يلهو بجوارها ،دخل (جاد) المنزل .صلاة النبي القصيرة أو الرواية؟
عليكم يا حبايب» .تبدو الأسرة في قمة السعادة
كل شخصية الأحداث من وجهة نظرها ،وهو ما
والتناغم متغلّبة على كافة الصراعات والآلام يخلق مستويات متعددة لتلقي الأحداث .ويمثّل
السابقة ،إلا أ ّن تلك السعادة لا تستمر طوي ًل ليعود الشكل البوليفوني أحد سمات المتتالية القصصية؛
فكما يصف جيرالد كينيدي أ ّن سبب انتشار هذا
التش ّظي مرة أخرى عند فزع الأسرة لموت (جاد) الجنس الأدبي في القرن العشرين على وجه التحديد،
المفاجئ .ولعل دلالة ذلك الموت المفاجئ في ربطه هو الرغبة جزئيًّا في التخلي عن سلطة الراوي العليم
بالعنصر الثيمي للعمل هو الخلوص من الحتمية
وإن كانت في صورة (السعادة المطلقة) أو النهايات المركزية ،مؤك ًدا بد ًل من ذلك على قيمة وجود
الرومانسية غير الواقعية؛ فالكاتبة تطرح الواقع مجموعة متنوعة من الأصوات أو وجهات النظر
بش ّدة وتدفع بالقارئ دف ًعا إلى إعادة إنتاج قصة التي تعكس ذاتية التجربة .فيرى كينيدي أن هذا
هذه الأسرة بعد وفاة عائلها الرئيس ،وإعادة تخيل الانتشار يتماشى مع الحداثة واستخدامها للتجزئة
ونسج قصص مشابهة حول مصير تلك الأسرة. والتجاور والتزامن لتعكس «التعددية» التي يعتقد
وأخي ًرا ،إن متتالية «مثل أسرة سعيدة» القصصية
للكاتبة تيسير الن ّجار عمل يطرق أبواب ما بعد أنها تميز ذلك القرن.
الحداثة بكل ثقة؛ عبر توظيف عوامل الجذب والطرد ُيقابل تعددية الأصوات في هذه المتتالية القصصية
السردية التي تقف بالعمل في منطقة وسط بين
المركزية واللامركزية .وقد كان لتلك العوامل الدور صوت الراوي العليم كإحدى القوى الجاذبة
الف ّعال في تقديم متتالية قصصية تقترب من المثالية لأجزاء العمل؛ ويمكن رصد هذا الجذب في توظيف
كجنس أدبي يتماهى مع الموضوعة المطروحة فيها،
وهو أمر نكاد نسعى إليه في الكتابة الأدبية مؤخ ًرا، الكاتبة هذا الصوت في موضعين :الإطار وفي
القصة الأخيرة من المتتالية .في القسم الأول من
بد ًل من سعي أغلب الكتّاب إلى مجال الكتابة المتتالية (الإطار) rounding-off deviceتظهر
الروائية بحثًا عن أعلى المبيعات بغض النظر عن مجموعة من الأحلام -خارج الحدث السردي-
تبدو متشظيّة على لسان كل من شخوص المتتالية،
المحتوى! وتعبّر عن دفقات شعورية لكل منهم ،يمكن الجزم
بأن مفادها هو البحث عن السعادة؛ فـ(صفاء) على
سبيل المثال يظهر كل أفراد أسرتها في حلمها مما