Page 111 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 111

‫نون النسوة ‪1 0 9‬‬

                                                     ‫دينا نبيل‬

             ‫«مثل أسرة سعيدة»‪..‬‬
‫المتتالية القصصية ومرايا الواقع‬

  ‫يأتي دور ماجي دان وآن موريس في التسعينيات‬          ‫«في شكلها الأكثر تجريبية‪ ،‬تنحرف الرواية منذ‬
  ‫في تتبع تاريخ هذا الجنس الأدبي وإدراج قصص‬          ‫حوالي خمسة وسبعين عا ًما نحو شكل المتتالية‬
‫الملك آرثر حول المائدة المستديرة وقصص ألف ليلة‬       ‫القصصية كشكل لا مركزي للتمثيل السردي»‪.‬‬
‫وليلة‪ ،‬ضمن دراستهما لأنواع المتتاليات القصصية‪.‬‬       ‫(جيرالد كينيدي‪ :‬المتتاليات القصصية الأمريكية‬
  ‫وكما أوضح ك ٌل من رينيه ويليك وأوستن وارين‬         ‫الحديثة)‬

     ‫في كتابهما «نظرية الأدب» أ ّن الأجناس الأدبية‬      ‫المتتالية القصصية ‪ short story cycle‬هي‬
    ‫التقليدية تتواشج م ًعا أحيا ًنا لإنتاج جنس أدبي‬
 ‫جديد له سماته الفريدة‪ ،‬فيمكن الجزم بأ ّن المتتالية‬    ‫مجموعة من القصص التي ترتبط ببعضها بع ًضا‬
    ‫القصصية هي جنس أدبي يقع في منطقة وسط‬              ‫عبر وحدة الشخوص أو الثيمات أو الزمان والمكان‬
    ‫بين الرواية والقصة القصيرة‪ .‬ولكن ليس الأمر‬       ‫أو كلها جمي ًعا؛ فتكون خبر ُة المتلقي في تلقيه للقصة‬
    ‫بهذا ال ُيسر؛ إذ يحاول الكاتب خلق التوازن بين‬    ‫الواحدة من المجموعة منبني ًة على القصص الأخرى‪.‬‬
‫خصوصية كل قصة على حدة من جهة وضروريات‬
   ‫انسجامها داخل الوحدة الكليّة للمتتالية من جهة‬        ‫ولا يمكن قراءة قصة واحدة بمعزل عن المتتالية‬
                                                      ‫بأكملها ‪ .en masse‬والمتتاليات سواء قصصية أو‬
      ‫أخرى‪ ،‬وإلا تحولت إلى مجموعة قصصية إن‬           ‫شعرية أصيلة الوجود منذ هوميروس وأوفيد حتى‬
  ‫أسرف في الخصوصية أو إلى رواية إن تمادى في‬          ‫إرنست هيمنجواي ووليام فوكنر‪ ،‬ولكن مع الأسف‬

                    ‫الربط والتماهي بين القصص‪.‬‬           ‫لا تلقى نفس الاهتمام على المستوى الموضوعاتي‬
     ‫وفي متتاليتها «مثل أسرة سعيدة» القصصية‪،‬‬             ‫والبنائي الذي تلقاه الأجناس التقليدية الأخرى‪،‬‬
    ‫الصادرة عن دار تويا (‪ ،)2020‬تو ّظف الكاتبة‬            ‫وهنا أعني الرواية والقصة القصيرة على وجه‬
  ‫تيسير الن ّجار جماليات المتتالية القصصية كجنس‬       ‫الد ّقة‪ .‬إلا أ ّنه بدأ الاهتمام «التنظيري» بهذا الجنس‬
     ‫أدبي في تجسيد الموضوعة الرئيسة التي تتكئ‬            ‫في الخمسين سنة الأخيرة عندما ق ّدم فوريست‬
   ‫عليها القصص ألا وهي الواقع الرتيب والمشاكل‬        ‫إنجرام كتابه «تمثيلات المتتالية القصصية في القرن‬
                                                      ‫العشرين‪ :‬دراسات في الجنس الأدبي» (‪ ،)1971‬ثم‬
   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116