Page 113 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 113

‫‪111‬‬

                                                                                 ‫على حدة دون النظر في مجمل‬

                                                                                 ‫المتتالية‪ ،‬كما توجد قوى‬
                                                                                 ‫تش ّظي طاردة ‪centrifugal‬‬

                                                                                 ‫‪ forces‬تعمل دائ ًما على‬
                                                                                 ‫تدمير وتفكيك العمل‪ ،‬وهما‬

                                                                                 ‫مبدآن تعرض لهما الروسي‬

                                                                                 ‫ميخائيل باختين في نظريته‬

                                                                                             ‫حول طبيعة السرد في‬

                                                                                 ‫بناء دلالة الخطاب‪ .‬وكلا‬

                                                                                 ‫القوتين تمثل م ًعا القوى‬
                                                                                 ‫الديناميكية التي تؤثر في‬

                                                                                             ‫تشكيل البنية السردية‬

                                                                                 ‫للمتتالية القصصية؛ فعند‬

                                                                                 ‫تناول أ ٍي من المتتاليات‬
                                                                                 ‫بالدراسة فليس من المهم‬

‫ميخائيل باختين‬  ‫رينيه ويليك‬                               ‫أوستن وارين‬            ‫الوقوف على جمالية الكل أو‬
                                                                                 ‫الجزء بقدر ضرورة البحث‬

                                                                                 ‫في آليات الجذب والطرد في‬

 ‫الرئيس‪ .‬فنرى في العناوين الداخلية مرادفات مثل‬            ‫المتتالية والتوتر الناتج عن احتكاكهما م ًعا‪ .‬وعليه‪،‬‬
  ‫(حياة رتيبة‪ -‬لا مكان للفرح‪ -‬الألم) تقوم كقوى‬            ‫ُتعنى هذه الدراسة لا بالوقوف فقط على العوامل‬
                                                          ‫الجاذبة المُعتادة من عناصر البنية السردية من‬
      ‫تدميرية لفرضية السعادة الكبرى في العنوان‬            ‫خ ٍّط سردي كرونولوجي أو شخوص أو وحدة‬
                                       ‫الرئيس‪.‬‬
                                                          ‫الزمان والمكان‪ ،‬بل الهدف هو تناول بعض العوامل‬
 ‫ويتضح التوتر أي ًضا بين القوى الجاذبة والطاردة‬
‫في عتبة الإهداء ‪-‬كنص موا ٍز‪ -‬وعلاقته ببقية العمل‬          ‫آوانلأواساحل ٍدي‪،‬بماملات ييتتولقدومعنبهواظتيأفزتمْي املجصاذحببواللكطلردق فصية‪.‬‬

  ‫ولاسيما نهاية المتتالية‪ .‬يمثّل الإهداء أحد العتبات‬      ‫‪ -1‬القوى الجاذبة والطاردة‬
      ‫الأكثر مراوغة في حيز تلك المتتالية؛ فالإهداء‬
     ‫ُيساق إلى شخوص الرواية أنفسهم‪ -‬الأسرة؛‬                            ‫في العتبات‪:‬‬

   ‫تقول الكاتبة‪« :‬إلى السيد (جاد) وأسرته سعد ُت‬           ‫يبدأ هذا التوتر منذ العناوين الكثيرة الموجودة داخل‬
 ‫بصحبتكم ج ًّدا»‪ ،‬فتوظيف الفعل الماضي (سعد ُت)‬
                                                          ‫المتتالية؛ فكما أسلفنا بالذكر أ ّن هذه المتتالية تقع في‬
   ‫في إهداء العمل الذي لم يتم الولوج إليه بالقراءة‬        ‫خمسة أقسام لكل قسم عنوان منفصل ولكل قصة‬
   ‫بعد‪ ،‬يحمل دلالة تقريرية للعملية الإبداعية التي‬         ‫التعدد مثا ًل لتعددية‬
   ‫تعطي الكاتبة عنها حك ًما مسب ًقا لا يجب أن ُيملى‬        ‫والعناوين وكأنها‬      ‫ُيع ّد هذا‬  ‫عنوان قائم بحد ذاته‪.‬‬
‫على القارئ في عملية تل ّقيه التفاعلية‪ .‬إلا أ ّن العمل لا‬                         ‫الأقسام‬     ‫وتش ّظي القصص بين‬
  ‫يلبث أن يق ّدم نفسه متشظيًا عبر قصص قصيرة‬
 ‫ُتهيب بالمتلقي التفاعل معه لتشييد كتلة واحدة منه‬         ‫تنفر من سلطة العنوان الواحد للعمل‪ .‬حتى وإن‬
 ‫وخلق عالم لتلك الأسرة وتحثّه أ ّل يأخذ التقريرية‬
‫المق ّدمة في الإهداء كأحد المسلمات؛ بل يظل ُيسائلها‬       ‫ُوجد‪ ،‬فيبقى العنوان الرئيس عتبة خارجية كبرى‬
                                                           ‫تتحداها العناوين الداخلية ‪-‬كنصوص موازية‪-‬‬
                                  ‫ويشكك فيها‪.‬‬
                                                          ‫لتق ّوض فرضية السعادة التي يطرحها العنوان‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118