Page 193 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 193

‫‪191‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

        ‫القادمة من مجموعة‬          ‫الصقلي” قائد جيش المعز‬        ‫ومرة بعد أن اعتنقت روما‬
  ‫“التلاميذ” البسطاء ثقافيًّا‪،‬‬            ‫لدين الله الفاطمي‪.‬‬     ‫المسيحية رفض المصريون‬

     ‫الذين كانوا في معظمهم‬          ‫ولا نعلم تفاصيل تواجد‬          ‫المسيحيون تفسير روما‬
        ‫صيادين بسطاء‪ .‬ثم‬           ‫هذا القديس المهم للكنيسة‬     ‫الفلسفي لطبيعة المسيح فتم‬

    ‫طورها “القديس بولس”‬                  ‫المصرية‪ ،‬ولا كيفية‬         ‫اضطهادهم مرة أخرى‪.‬‬
   ‫الذي تحول من اضطهاده‬            ‫تبشيره‪ ،‬لكننا نعلم كيفية‬
    ‫للمسيحيين وسوقهم إلى‬          ‫قتله و”سحله” في شوارع‬               ‫***‬
 ‫السجون والقتل إلى شخص‬           ‫الإسكندرية‪ ،‬وكيف استطاع‬
  ‫مسيحي يؤمن بالمسيح‪ .‬ثم‬                                              ‫هذه المقدمة السريعة‬
‫إلى قديس يضع قواعد أسس‬               ‫المسيحيون الحفاظ على‬        ‫ضرورية لكي يفهم القراء‬
 ‫فلسفة الديانة المسيحية(!)‪.‬‬        ‫رأسه ودفنها‪ ،‬ثم سرقتها‬        ‫غير المسيحيين‪ ،‬والكثيرون‬
   ‫كما ان “كراهيته” للأنثى‬         ‫بواسطة الجنود الرومان‪،‬‬
 ‫كانت واضحة في “رسائله”‬             ‫ثم استعادتها مرة أخرى‬            ‫من المسيحيين‪ ،‬التأثير‬
‫المختلفة إلى الكنائس المتعددة‬    ‫ودفنها مرة أخرى بالكنيسة‬             ‫العميق الدلالة للثقافة‬
                                                                 ‫المصرية في عصور ما قبل‬
      ‫التي أسسها في البلاد‬           ‫المرقصية بالإسكندرية‪.‬‬          ‫المسيحية‪ ،‬التي واصلت‬
  ‫المحيطة بفلسطين وخاصة‬          ‫وكذا لا يعلم أحد كيف يقبل‬            ‫تواجدها في الوجدان‬
                                  ‫شعب ما ‪-‬أو جماعة معينة‬         ‫المصري لأجيال طوال‪ ،‬مما‬
       ‫اليونان‪ .‬وكان يحمل‬        ‫من شعب ما‪ -‬ديانة جديدة‬             ‫جعل المصري المسيحي‬
    ‫الجنسية الرومانية وهي‬                                       ‫يطور لغته الهيروغليفية إلى‬
‫امتياز كبير لحاملها‪ ..‬آنذاك‪.‬‬       ‫غير تلك التي ورثوها من‬       ‫الديموطيقية‪ ،‬كما أنه احتفظ‬
    ‫أسست الديانة المسيحية‬           ‫الأسلاف‪ .‬غالبا ‪-‬ونقول‬      ‫بالأسماء الفرعونية للشهور‬
  ‫المصرية حالتين خاصتين‪:‬‬                                         ‫القبطية ولعلاقتها بمواسم‬
   ‫الأولى عالمية وهي الرهبنة‬           ‫غالبا‪ -‬أنها تكون على‬        ‫البذر والحصاد والشتاء‬
    ‫أي الاعتزال في الصحراء‬       ‫النقيض من ديانة الأسلاف‬
                                                                           ‫والصيف‪ ..‬إلخ‪.‬‬
       ‫والتعبد‪ ..‬والثانية هي‬        ‫إلا في بعض التفصيلات!‬
      ‫القديسين والقديسات‬        ‫أهمها إلغاء “تعددية” الآلهة‪..‬‬  ‫كيف ظهرت المسيحية‬
   ‫و”تأطيرهم في ايقونات”‪،‬‬                                             ‫في مصر‬
     ‫ووضع الشموع المنيرة‬             ‫والإيمان “بإله واحد”‪.‬‬
    ‫أمام أيقوناتهم‪ ،‬بل وبناء‬         ‫ونندهش حينما نعلم ان‬             ‫تقول الحكاية الدينية‬
   ‫بعض الكنائس بأسمائهم‬          ‫“وحدانية” أخناتون فشلت‬                  ‫المسيحية المصرية‬
     ‫والتماس رضاهم‪ ،‬حتى‬          ‫في مصر بعد موت الفرعون‬
   ‫يستطيع هؤلاء القديسون‬           ‫التوحيدي ورجعت مصر‬            ‫الأرثوذكسية أن “القديس‬
 ‫أن يتوسطوا عند الرب الإله‬           ‫الفرعونية إلى التعددية‪.‬‬      ‫مرقص” أو “مرقس” هو‬
‫للإنسان الذي يطلب من الإله‬         ‫لكن مصر أي ًضا قبلت بعد‬       ‫من أسس الديانة المسيحية‬
        ‫ح ًّل لمشاكله (مث ًل)‪.‬‬      ‫ذلك وحدانية المسيحية‪/‬‬          ‫في مصر‪ ،‬بل إن الكنيسة‬
   ‫وأصبح لهؤلاء القديسين‬        ‫اليهودية وتراجعت بالتدريج‬      ‫الرئيسية ُتسمى “المرقصية‪-‬‬
  ‫والقديسات وظائف معينة‪،‬‬             ‫عن التعددية‪ ..‬ويقال إن‬
       ‫وبذلك “رجع” الآلهة‬       ‫الديانة المصرية القديمة ظلت‬         ‫المرقسية” وكان مقرها‬
    ‫الصغرى مرة أخرى إلى‬          ‫متواجدة في مصر إلى جوالي‬        ‫بالإسكندرية‪ ،‬أي قبل بناء‬
   ‫الوجدان الديني المسيحي‬                                        ‫مدينة القاهرة بعد ذلك على‬
                                         ‫‪ 350‬سنة ميلادية‪.‬‬         ‫يد القائد الصقلي “جوهر‬
                                      ‫لكن المسيحية المصرية‬
                                       ‫استطاعت “تمصير”‬
                                 ‫المسيحية اليهودية الصارمة‬
   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198