Page 196 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 196

‫العـدد ‪32‬‬                         ‫‪194‬‬

                                ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                    ‫يهوذا الذي نشرته مؤسسة‬
                                                                 ‫الناسيونال جيوغرافيك‪..‬‬
 ‫باعتبارها موحاة من الروح‬         ‫وبالتالي كل ما يترتب على‬       ‫وقصة العثور على بعض‬
  ‫القدس (في العهد الجديد)‪،‬‬         ‫هذا الاعتقاد وهو الصلب‬
  ‫أو هي موحاة مباشرة من‬                                       ‫الأناجيل “المحرمة” طريفة‪،‬‬
   ‫“يهوه” الإله اليهودي إلى‬           ‫والموت ثم القيامة من‬      ‫إذ يبدو أنه كانت منتشرة‬
  ‫النبي موسى الذي يقال له‬        ‫الأموات‪ ..‬وأهم فرضية في‬          ‫في منطقة نجع حمادي‪،‬‬
 ‫“كليم الله” في العهد القديم‪،‬‬     ‫هذا المجال هي “التثليث”‪،‬‬     ‫فلما جاء التحريم تم حرق‬
  ‫الملحق بما ُيسمى “الكتاب‬        ‫أي ربط الأب (الله) بالابن‬      ‫بعضها‪ ،‬كما لم يتم حرق‬
‫المقدس للمسيحيين”‪ ،‬وتوجد‬
‫محاولات لفصل العهدين عن‬             ‫(يسوع المسيح) بالروح‬     ‫البعض الآخر بل وضعها في‬
   ‫بعضهما‪ ،‬أي جعل الكتاب‬          ‫القدس‪ .‬ولن ندخل هنا في‬      ‫“بلاليص” ودفن البلاليص‬
                                ‫شروحات لاهوتية لأنه حتى‬
    ‫المقدس فقط للمسيحيين‬          ‫الكنائس المسيحية الكبرى‬          ‫في الأرض! إلى أن جاء‬
  ‫بعي ًدا عن الأسفار اليهودية‬                                   ‫اليوم الذي عثر فيه بعض‬
 ‫التوراتية التي تحتل تحدي ًدا‬        ‫تختلف فيما بينها (عن‬       ‫الفلاحين في نجع حمادي‬
‫ألف ومئتي وثمان وخمسين‬             ‫طبيعة المسيح) وإلوهيته‬
‫صفحة‪ ،‬بينما تحتل الأناجيل‬         ‫المرتبطة “بإنسانيته”‪ ،‬عدا‬        ‫على البلاليص المدفونة‬
                                  ‫ذلك فالإسلام يتعامل مع‬           ‫في الأرض وأخرجوها‪،‬‬
     ‫وبقية الأسفار المسيحة‬      ‫عيسى المسيح باعتباره نبيًّا‬
  ‫أربعمائة واثنتين وعشرين‬        ‫خا ًّصا‪ ،‬ونجد هذا بوضوح‬             ‫وأخرجوا من باطنها‬
  ‫صفحة فقط (!) من مجمل‬                                       ‫الأناجيل المحرمة(!)‪ ،‬وسميت‬
                                           ‫في سورة مريم‪.‬‬
                  ‫صفحاته‪.‬‬          ‫ثمة بضعة كنائس غربية‬            ‫هذه الأناجيل بعد ذلك‬
 ‫ومن رحم اليهودية خرجت‬             ‫وشرقية ‪-‬خاصة كنائس‬        ‫بمكتبة نجع حمادي‪ .‬ومغزى‬
 ‫الديانة المسيحية‪ ،‬حيث كان‬                                   ‫الحفاظ على الأناجيل المحرمة‬
                                     ‫الأشوريين والكلدانيين‬
   ‫هناك اعتقاد يهودي ديني‬         ‫في العراق‪ -‬تكون نظرتهم‬       ‫هو مغزى فلسفي رائع من‬
      ‫بأن الله (يهوه) سوف‬                                    ‫أؤلئك الذين رفضوا حرقها‪..‬‬
                                     ‫للسيد المسيح أقرب إلى‬
   ‫يرسل “مسي ًحا”‪ ،‬أي يتم‬         ‫الإسلام منها تلك الغربية‬         ‫أي أنهم بالحفاظ عليها‬
‫مسحه بالزيت المقدس حسب‬             ‫التي تؤلهه‪ ،‬هذه الكنائس‬        ‫أعلنوا رفضهم الصامت‬
‫الاعتقاد اليهودي في تنصيب‬        ‫أسسها المسيحيون الأوائل‬       ‫لقرارات دينية لم يساهموا‬

       ‫الملوك الكهنة‪ ،‬ليصبح‬          ‫مثل نسطور‪ ،‬وخاضوا‬                    ‫في اتخاذها(!)‪.‬‬
   ‫مل ًكا لليهود يخلصهم من‬       ‫المعارك الدامية مع نظرائهم‬
 ‫أعدائهم‪ ،‬ويحكم العالم ألف‬                                    ‫العلاقات الحساسة‬
‫سنة من فوق جبل الزيتون‪.‬‬              ‫من قساوسة وأساقفة‪،‬‬         ‫بين أكبر دينين‬
   ‫وكانت فكرة أن “السيدة‬            ‫وصل الأمر في الخلاف‬        ‫في العالم‪ :‬الإسلام‬
‫العذراء” تلد ابنًا ليس بسبب‬      ‫العقائدي بين هذه الكنائس‬         ‫والمسيحية‬
   ‫علاقة جنسية مع خطيبها‬        ‫وبعضها البعض إلى انشقاق‬
   ‫“يوسف النجار” بل لأن‬            ‫الكنيسة القبطية المصرية‬   ‫واحدة من العقبات الأساسية‬
  ‫“يهوه” اختارها‪ ..‬هو الفخ‬       ‫عن مجمل الكنائس الغربية‬        ‫في تأسيس علاقة تعايش‬
   ‫الثاني‪ ،‬حيث ينفي القرآن‬         ‫الكاثوليكية‪ ،‬وأضفت على‬        ‫غير محتقنة بين الدينين‬
                                    ‫نفسها صفة جديدة هي‬
     ‫الكريم نفيًا قاط ًعا فكرة‬  ‫“الأرثوذكسية”‪ ،‬أي القويمة‬    ‫الكبيرين الإسلام والمسيحية‬
 ‫كهذه “لم يلد و لم يولد ولم‬                                       ‫إجما ًل‪ :‬هي تأليه السيد‬
 ‫يكن له كفؤا أحد”‪( .‬سورة‬                       ‫أو الحقيقية‪.‬‬
                                  ‫نحن هنا أمام “نصوص”‬         ‫المسيح باعتباره “ابن الله”‪،‬‬
                                ‫تتخذ لنفسها صبغة القداسة‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201