Page 195 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 195

‫‪193‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫من إنجيلي لوقا ويوحنا م ًعا‬  ‫الفكرة عبر إلهاتها وفراعينها‬       ‫“إنجيل” هو البشارة‪..‬‬
     ‫ما بين ‪ 175‬و‪225‬م”‪.‬‬       ‫الذين هم من نسل الآلهة كما‬         ‫وتعتمد المسيحية ‪-‬على‬
                              ‫كانوا يعتقدون‪ .‬فيهوه ‪-‬الإله‬     ‫النقيض من اليهودية التي‬
   ‫ويشير الأنبا بيشوي إلى‬                                       ‫خرجت من رحمها‪ -‬على‬
 ‫“إنجيل يهوذا” ويقول إنه‪:‬‬         ‫اليهودي‪ -‬كان يتصرف‬        ‫التبشير (والجذر اللغوي هنا‬
                              ‫باعتباره إل ًها ورئيس الجنود‬  ‫“البشارة “) وعلى المبشرين‪.‬‬
   ‫“إنجيل غنوسي وهو من‬                                          ‫لكن فكرة أن “يلد” الإله‬
     ‫الكتابات الغنوسية التي‬     ‫في الحرب التي يخوضوها‬
                                  ‫بنو إسرائيل‪ ،‬بل إن لقبه‬          ‫ابنًا من سيدة بشرية‬
  ‫جرمتها الكنيسة لاحتوائها‬                                     ‫وعذراء (بالروح القدس)؛‬
      ‫على خرافات الفلسفات‬     ‫العسكري هو “رب الجنود”‪،‬‬
    ‫اليونانية”‪( .‬ص‪ )47‬أما‬          ‫بل إنه كتب بإصبعه في‬          ‫ليست فكرة غريبة على‬
                                                             ‫ذلك الزمان‪ ،‬لا في اليهودية‬
    ‫المعنى الأصلي لاصطلاح‬       ‫لوحين من الحجر الوصايا‬        ‫ولا في الثقافتين الإغريقية‬
   ‫“غنوصية” فهو الحكمة‪.‬‬         ‫العشر وسلمها لموسى كما‬
                                ‫تقول الأسطورة التوراتية‪.‬‬         ‫والرومانية‪ ،‬السائدتان‬
      ‫إذن نستطيع أن نقول‬         ‫السيد المسيح كان يصرح‬      ‫آنذاك‪ ،‬بل إن الديانة المصرية‬
    ‫بثقة إن الأناجيل الأربعة‬     ‫من وقت لآخر تصريحات‬
   ‫“الرسمية” هي اختيارات‬         ‫خافتة هامسة “عن آبيه”‬          ‫القديمة كانت تؤكد هذه‬
‫من أساقفة من أصول ثقافية‬
     ‫متنوعة بل ومتضاربة‪:‬‬              ‫ولم يقل لنا صراحة‬
 ‫يونانية وإغريقية ورومانية‬    ‫وبوضوح إنه “ابن الله”‪ ،‬بل‬
‫وبيزنطية ثم مصرية متأثرة‬
‫بثقافة فرعونية دينية عميقة‪.‬‬     ‫وإنه عبر عن آلامه وعذابه‬
  ‫وقد تم حرق عشرات ‪-‬بل‬        ‫على الصليب صارخا “الهي‪..‬‬
                              ‫إلهي لماذا تركتني؟”‪( .‬إنجيل‬
     ‫ومئات‪ -‬الأناجيل التي‬
    ‫يقول عنها الأنبا بيشوي‬                     ‫متى‪)27 :‬‬
     ‫“غنوصية” مثل إنجيل‬          ‫ومع تطور الفكر البشري‬
  ‫يهوذا‪ ..‬فمن كتبه يريد ان‬       ‫أخذ المفسرون والفلاسفة‬
    ‫ينفي عن “يهوذا” صفة‬          ‫المسيحيون يعيدون النظر‬
                               ‫في مبدأ إلوهية المسيح‪ ..‬هذه‬
       ‫الخيانة التي أصبحت‬       ‫الإلوهية التي أسسها الآباء‬
      ‫ملازمة لقبلة يهوذا في‬     ‫القدامى للكنيسة المسيحية‬
 ‫“الثقافة الغربية المسيحية”‬      ‫الرومانية ثم المصرية قبل‬
   ‫حيث قال ‪-‬طبقا لروايات‬      ‫انشقاقها‪ .‬مع ملاحظة ‪-‬طب ًقا‬
‫الأناجيل‪ -‬للكهنة حينما أخذ‬     ‫لكتاب الأسقف بيشوي‪ -‬أن‬
    ‫ثلاثين قطعة من الفضة‬      ‫الأناجيل الأربعة تمت كتابتها‬
‫ثمنا لتسليمه للمسيح‪ ،‬ونجد‬         ‫بعد أكثر من مئتي سنة‪،‬‬
    ‫بقية القصة بقول يهوذا‬         ‫يقول في ص‪“ :46‬توجد‬
 ‫للكهنة‪“ :‬الذي أقبله هو هو‬        ‫في متحف بودمر بجنيف‬
‫امسكوه‪ ..‬ثم تقدم إلى يسوع‬        ‫بسويسرا أقدم نسخة في‬
   ‫وقبله‪ ،‬وقال له السلام يا‬
                                   ‫العالم من إنجيل يوحنا‬
         ‫سيدي”‪( .‬متى‪)26‬‬         ‫(من منتصف القرن الثاني‬
  ‫ويسخر الأنبا بيشوى من‬         ‫الميلادي) على بردية باللغة‬
                              ‫اليونانية‪ ،‬وكذلك أقدم نسخة‬
    ‫النص المكتوب في إنجيل‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200