Page 203 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 203

‫‪201‬‬                ‫الملف الثقـافي‬

‫ليوناردو دا فينشي‬  ‫محمد على باشا‬   ‫محمد سعيد باشا‬                         ‫خطأ‪ ،‬إذ يتركز كل التفكير حول‬
                                                                             ‫الحفاظ على الوجود وتخطي‬
  ‫فهو ببساطة ُيقر المساواة بين‬        ‫المصري على يد سعيد باشا‪،‬‬              ‫خطر الفناء‪ .‬فنحن لا نستطيع‬
 ‫المصريين مسلمين ومسيحيين‪.‬‬          ‫كان من الطبيعي أن يظهر البابا‬
‫هذا بخلاف الإصلاحات الكنسية‬          ‫كيرلس الرابع (‪)1861 -1816‬‬              ‫أن نطلب من إنسان على وشك‬
‫الأخرى مثل منع الكهنة من عمل‬                                                ‫السقوط من فوق الهرم الأكبر‬
  ‫عقد أملاك عند إجراء الخطوبة‬         ‫المعروف بأبو الإصلاح الذي‬
                                       ‫تولى الباباوية من ‪ 1854‬إلى‬              ‫أن ينقد نظرية بناء كائنات‬
     ‫حتى تترك فترة للتعارف‪،‬‬        ‫‪ .1861‬والذي تتبع أثر الدولة في‬           ‫فضائية للهرم‪ ،‬فكل ما يشغل‬
 ‫تحذير الكهنة من تزويج البنات‬       ‫التطوير والإصلاح فبدأ بتطوير‬
                                     ‫التعليم الديني وبناء المدارس‪،‬‬              ‫باله الآن هو كيفية النجاة‬
      ‫القاصرات‪ ،‬تحذير تزويج‬        ‫وكان أعظم ما فعل في هذا المجال‬              ‫بحياته من خطر السقوط‪.‬‬
  ‫النساء المترملات المتقدمات في‬      ‫هو تعليم البنات‪ ،‬وقام بشراء‬              ‫لذلك كان من المستحيل على‬
  ‫السن من الشباب‪ ،‬تحتيم أخذ‬            ‫مطبعة خاصة للكنيسة‪ ،‬كما‬             ‫الكنيسة المصرية أن ُتنتج فك ًرا‬
   ‫رضاء وموافقة الزوجين قبل‬        ‫أنشأ مكتبة خاصة‪ ،‬ولعل ثقافته‬           ‫جدي ًدا‪ ،‬وأن تتطور مع الزمن في‬
‫الإكليل المقدس‪ .‬كما بدأ بإصلاح‬      ‫وسعة أُفقه هي ما جعلته يدعم‬            ‫ظل الاضطهادات التي تعرضت‬
‫الأحوال المعيشية للرهبان وربط‬      ‫قرار سعيد باشا بتجنيد الأقباط‬              ‫لها منذ نشأتها وحتى الآن‪،‬‬
 ‫مرتبات شهرية لبعضهم‪ ،‬وبدأ‬             ‫في الجيش المصري‪ ،‬بالرغم‬                ‫باستثناء فترات قصيرة في‬
                                       ‫من معارضة الأقباط ذاتهم‪،‬‬
     ‫في عمل مدرسة إكليريكية‬         ‫والذين ‪-‬مثل باقي المصريين‪-‬‬                                ‫حياتها‪.‬‬
                   ‫لتعليمهم‪.‬‬          ‫كانوا يرون في التجنيد كارثة‬            ‫ولعل في حياة المسيحية ذاتها‬
                                       ‫حياتية ومو ًتا مح َّق ًقا‪ ،‬إلا أن‬    ‫ما يدل على ذلك‪ ،‬حيث نلاحظ‬
     ‫وربما أفضل من ُيعبر عن‬         ‫البابا كيرلس الرابع كان ُيدرك‬          ‫أنه على مدار ‪ 3‬قرون لم تحدث‬
    ‫تأثير هذه الأجواء الحرة في‬       ‫المعنى الكبير وراء هذا القرار‪،‬‬         ‫أي ثورات فكرية أو صراعات‬
  ‫وسط الأقباط الأرثوذكس هو‬                                                  ‫عقائدية بين المسيحيين‪ ،‬حتى‬
 ‫المفكر المصري المسيحي سلامة‬                                                 ‫الغنوصية المصرية في القرن‬
 ‫موسى (‪ ،)1958 -1887‬حيث‬                                                     ‫الثاني‪ ،‬لم تمثل هذه الثورة أو‬
                                                                            ‫التحدي الكبير للفكر المسيحي‬
                                                                             ‫أو العقيدة المسيحية‪ .‬فكل ما‬
                                                                           ‫كان يشغل آباء الكنيسة في هذه‬
                                                                           ‫الفترة هو الحفاظ على الجماعة‬

                                                                                      ‫المسيحية الناشئة‪.‬‬
                                                                          ‫لكن مع تحول المسيحية إلى دولة‬
                                                                          ‫ونزول مملكة المسيح إلى الأرض‬

                                                                            ‫على يد الإمبراطور قسطنطين‪،‬‬
                                                                             ‫وشعور المسيحيين والكنيسة‬

                                                                              ‫بالأمان وزوال خطر الفناء‪،‬‬
                                                                          ‫بدأت تظهر الاختلافات العقائدية‬

                                                                            ‫وبالتالي الانقسامات الطائفية‪.‬‬
                                                                            ‫أي ًضا‪ ،‬مع بدء رفع الاضطهاد‬
                                                                           ‫عن الأقباط الأرثوذكس في عهد‬
                                                                          ‫محمد علي باشا وصو ًل إلى إلغاء‬
                                                                             ‫الجزية وإدماجهم في الجيش‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208