Page 202 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 202

‫العـدد ‪32‬‬                              ‫‪200‬‬

                                ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                         ‫وبهذا ُفتح باب الاضطهاد ضد‬
                                                                      ‫المسيحيين المصريين على يد‬
 ‫قد ُرفع عنهم التعذيب بالسياط‬       ‫ديوسقوروس‪ ،‬لكن الأقباط‬          ‫إخوانهم المسيحيين الغربيين‪،‬‬
 ‫ليحل بهم تعذيب آخر من لسع‬      ‫رفضوا الاعتراف به كما رفضوا‬          ‫ولتأخذ كل من كنيسة روما‬
                                                                    ‫وكنيسة الإسكندرية مسارين‬
                ‫العقارب»(‪.)6‬‬          ‫قرارات مجمع خلقدونيا‪،‬‬                 ‫تاريخيين مختلفين‪.‬‬
  ‫ومع استيلاء العرب المسلمين‬    ‫واستفحل الخلاف بين مسيحيي‬              ‫مسارين ربما كانا السبب‬
                                                                       ‫الرئيسي لانغلاق الكنيسة‬
       ‫على مصر تنفس الأقباط‬       ‫مصر والبيزنطيين الموجودين‬
   ‫الأرثوذكس الصعداء لبعض‬               ‫فى مصر الذين تدعمهم‬       ‫المصرية الأرثوذكسية وجمودها‬
 ‫الوقت‪ ،‬وهو الوقت اللازم حتى‬                                            ‫عند أفكار القرن الخامس‬
‫يستطيع الحكام الجدد السيطرة‬          ‫الإمبراطورية في كل وقت‪.‬‬           ‫الميلادي‪ ،‬وانفتاح الكنيسة‬
    ‫على الدولة الجديدة وترسخ‬       ‫وفي عصر قيرس (المقوقس)‬
   ‫أقدامهم فيها‪ ،‬ثم بدأت دورة‬      ‫استمر الاضطهاد ‪ 10‬سنوات‬          ‫الكاثوليكية وتطورها تجلت في‬
 ‫الاضطهاد الجديدة بعد سنوات‬       ‫اقتحمت فيها الأديرة و ُسرقت‬       ‫وثائق مجمع الفاتيكان الثاني‪.‬‬
  ‫قليلة من الاستيلاء على مصر‬    ‫محتويات الكنائس و ُدفن الأقباط‬
 ‫وحتى بداية القرن ‪ 19‬مع تولي‬     ‫وهم أحياء وتم إذلال الأساقفة‬        ‫الاضطهاد كسبب‬
  ‫محمد علي باشا للسلطة عندما‬                                             ‫للانغلاق‬
 ‫بدأ رفع الاضطهاد عن الأقباط‬           ‫بربط رقابهم بالسلاسل‬
   ‫المسيحيين تدريجيًّا‪ ،‬ولكنهم‬   ‫والأغلال وجرهم في الشوارع‪،‬‬          ‫بعد انتهاء الصراع الديني في‬
‫أصبحوا أقلية سكانية في مصر‪.‬‬       ‫وحرقهم كما حدث مع شقيق‬          ‫مجمع خلقيدونية بدأ الاضطهاد‬
‫‪ 12‬قر ًنا من الاضطهاد والتمييز‬                                     ‫الملكاني التابع للإمبراطور ضد‬
     ‫ضد المصريين المسيحيين‪،‬‬         ‫الأنبا بنيامين‪ ،‬والإغراق في‬
 ‫شهدت الكثير من الثورات ضد‬        ‫البحر‪ ،‬و ُقتل من الأقباط أعداد‬     ‫اليعاقبة المصريين على الفور‪،‬‬
‫هذا الاستبداد والاضطهاد‪ ،‬كان‬                                       ‫بخلع البابا ديوسقورس الأول‬
   ‫أشهرها ثورات البشموريين‬            ‫كبيرة على يد البيزنطيين‬
‫التي استمرت لما يقرب من ‪100‬‬          ‫المسيحيين‪ .‬وقد يكون عدد‬         ‫بفعل رفضه لقرارات المجمع‬
                                   ‫من ُقتل في هذه الاضطهادات‬      ‫المسكوني‪ ،‬حيث ُنفى إلى جزيرة‬
       ‫عام في موجات متتالية‪.‬‬    ‫البيزنطية أكثر من أعداد الشهداء‬    ‫جاجرا ومعه مقاريوس أسقف‬
‫وبهذا نرى أن الكنيسة المصرية‬     ‫أثناء مواجهة الرومان الوثنيين‬      ‫إدكو‪ ،‬واثنان آخران‪ .‬وقد مات‬
                                   ‫فى السنين الأولى للمسيحية‪.‬‬
    ‫قد عاشت في ظل الاضطهاد‬            ‫وهاجم العسكر البيزنطي‬           ‫هناك‪ ،‬بينما هرب مقاريوس‬
 ‫والقمع طوال تاريخها باستثناء‬   ‫الكنيسة وقت الصلاة والاحتفال‬          ‫الأسقف عائ ًدا للإسكندرية‬
                                ‫في ليلة عيد القيامة‪ ،‬وقتلوا منهم‬     ‫بمساعدة البابا ديوسقورس‬
    ‫الفترة ما بين ‪ 313‬و‪451‬م‪.‬‬       ‫أعدا ًدا كبيرة ونهبوا ممتلكات‬
      ‫وذلك على عكس الكنيسة‬          ‫الكنائس من أموال وغيرها‪،‬‬              ‫حيث ُقتل هناك على يد‬
                                  ‫وأعطوها للبطريرك البيزنطي‪.‬‬        ‫الرومان‪ .‬وهى حقبة اضطهاد‬
    ‫الكاثوليكية التي لم تتعرض‬   ‫واستمر هذا الاضطهاد البيزنطي‬       ‫بولكيريا وماركيانوس‪ .‬فأصدر‬
 ‫للاضطهاد منذ العام ‪313‬م‪ ،‬بل‬      ‫حتى استيلاء العرب المسلمين‬         ‫الإمبراطور ماركيانوس أم ًرا‬
                                  ‫على مصر عام ‪641‬م‪ ،‬أى ‪190‬‬        ‫امبراطور ًّيا بقتل كل من يعارض‬
   ‫على العكس أصبحت صاحبة‬          ‫عا ًما من الاضطهاد المسيحي‪-‬‬
 ‫السلطة السياسية بالإضافة إلى‬      ‫المسيحي‪ ،‬تخللها ‪ 10‬سنوات‬           ‫مذهب الطبيعتين‪ ،‬وابتدأ فى‬
                                 ‫من السيطرة الفارسية من ‪618‬‬       ‫مصر عصر اضطهاد المسيحيين‬
            ‫سلطتها الروحية‪.‬‬        ‫إلى ‪629‬م‪ .‬لم تخ ُل أي ًضا من‬    ‫المصريين وكنيسة الإسكندرية‪،‬‬
   ‫ولأن أجواء الاضطهاد تخلق‬         ‫الاضطهاد والقمع‪ُ ،‬يوصف‬        ‫وعين البيزنطيين بطريرك ‪-‬يتبع‬
‫شعو ًرا بالتهديد الوجودي تجعل‬     ‫بأن المصريين «قد خرجوا من‬
  ‫من المستحيل على أى دولة أو‬       ‫حكم الفرس إلى حكم الروف‬           ‫مذهبهم‪ -‬وهو برتارس بدل‬
 ‫جماعة أو فرد أن ينشغل بعالم‬
‫الأفكار‪ ،‬وما هو صواب وما هو‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207