Page 204 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 204

‫العـدد ‪32‬‬                              ‫‪202‬‬

                                ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                           ‫سمحت له هذه الأجواء بنقد‬
                                                                   ‫الكنيسة في كتابه تربية سلامة‬
 ‫قسي ًسا إلا إذا كان من خريجي‬     ‫نرى هنا نق ًدا واض ًحا لعلاقة‬
    ‫هذه المدرسة‪ .‬وبذلك يضمن‬      ‫الكنيسة بشعب الكنيسة‪ ،‬وأنها‬          ‫موسى «ومع أني نشات في‬
  ‫طلبتها مستقبلهم ويقبلون في‬                                       ‫المسيحية‪ ،‬وأحتضنتني الكنيسة‬
    ‫رغبة وحماس على الالتحاق‬        ‫يجب أن تكون في خدمته لا‬
                    ‫بها»(‪.)9‬‬       ‫العكس‪ ،‬ثم يؤكد على الأخوة‬         ‫أيام طفولتي وشبابي‪ ،‬فإنها‬
      ‫هكذا أنتجت أجواء الأمان‬                                      ‫كانت في تلك السنين الأولي من‬
   ‫والحرية والمواطنة إصلاحات‬         ‫الإنسانية بغض النظر عن‬
                                    ‫العقيدة‪ ،‬ثم الطبيعة الخيرة‬       ‫عمري في جمود لا يحمل على‬
‫كنسية وفتحت المجال لانتقادات‬                                         ‫الحماسة أو يبعث على الولاء‪،‬‬
  ‫العلمانيين مثل سلامة موسى‬                       ‫للإنسان‪.‬‬          ‫وليس من شك أن الكنيسة قد‬
                                    ‫كما هاجم تعيين قساوسة‬           ‫نهضت هذه الأيام‪ ،‬وهي الآن‬
‫للكنيسة‪ .‬إلا أن هذا الإصلاحات‬     ‫من غير المتعلمين فكتب مقا ًل‬     ‫غير ما كانت عليه قبل خمسين‬
     ‫سري ًعا ما انتكست وعادت‬          ‫بتاريخ ‪ 21‬فبراير ‪1938‬‬       ‫سنة‪ ،‬وقد تغير إحساسي نحوها‬
                                   ‫عنوانه‪« :‬رسامة القسيسين‬        ‫تغيرات مختلفة‪ .‬فقد عزفت عنها‬
 ‫الكنيسة للانغلاق والأقباط إلى‬    ‫من غير المتعلمين خطر يجب‬          ‫أيام الشباب؛ لأن وطأة العلوم‬
   ‫الانكفاء على ذاتهم مع ظهور‬    ‫أن تكافحه البطريركية»(‪ .)8‬كما‬
                                  ‫أكد على نفس الفكرة في مقال‬          ‫العصرية كانت شديدة على‬
‫التهديد الوجودي‪ ،‬مع سبعينيات‬      ‫هام عنوانه «بواكير الإصلاح‬        ‫نفسي‪ .‬ثم عدت إليها في حنان‬
     ‫القرن العشرين والصحوة‬      ‫في البطريركية» نشر في جريدة‬          ‫فوجدت فيها تاريخنا المعذب‬
                                 ‫مصر بتاريخ ‪ 25‬يوليو ‪1946‬‬         ‫الممزق‪ ،‬ووجدت صوت الفراعنة‬
  ‫الإسلامية التي بدأت في تهديد‬
     ‫كل ما هو غير مسلم وغير‬           ‫يدعو فيه دعوة واضحة‬               ‫ينطلق عاليًا من منابرها‪.‬‬
                   ‫إسلامي‪.‬‬      ‫وصريحة إلى ضرورة الاهتمام‬         ‫فأصبحت الكنيسة القبطية عندي‬
                                                                  ‫كنيسة قومية مصرية»‪ .‬فهو هنا‬
‫الإنغلاق العام للمجتمع‬              ‫للنهوض بالكلية الأكليركية‬
       ‫المصري‬                   ‫فيقول‪« :‬نحن ندعو إلى النهوض‬         ‫ينقد جمودها ويحيى خطوات‬
                                                                  ‫إصلاحها‪ ،‬بل لا يرى فيها رم ًزا‬
         ‫تظل الكنيسة المصرية‬        ‫بالمدرسة الإكليركية بزيادة‬
        ‫الأرثوذكسية جز ًءا من‬      ‫ما ينفق عليها حتى نستطيع‬            ‫قوميًّا أكثر منه رمز ديني‪.‬‬
   ‫المجتمع المصري ذي الأغلبية‬    ‫استخدام خير المعلمين الأكفاء‪،‬‬      ‫وفي مقال بعنوان ثلاثة مبادئ‬
   ‫المسلمة‪ ،‬وتتأثر بكل مؤثراته‬   ‫وكذلك ندعو الآباء المطارنة إلى‬
  ‫وتحمل كل سماته وإيجابياته‬        ‫الاتفاق على ألا يرسموا أح ًدا‬              ‫مسيحية يقول(‪:)7‬‬
  ‫وسلبياته‪ .‬فإذا كانت الكنيسة‬                                       ‫توجد ثلاثة مبادئ عليا هي في‬
  ‫الكاثوليكية قد تطورت بتطور‬
   ‫المجتمعات الأوروبية وتطور‬                                         ‫جوهرها مبادئ مسيحية‪ ،‬لا‬
   ‫علومها وفلسفتها وأفكارها‪،‬‬                                        ‫تقوم بغيرها نهضة الشعوب‪،‬‬
   ‫فأحد أسباب جمود الكنيسة‬
‫الأرثوذكسية هو جمود المجتمع‬                                             ‫وهذه الثلاثة مبادئ هي‪:‬‬
 ‫المصري وجمود أفكاره وغياب‬                                          ‫‪ -1‬المبدأ الأول هو أن الكنيسة‬
        ‫فلسفته وموت علومه‪.‬‬                                         ‫تخدم شعبها وليس الشعب هو‬
‫فكما تقدم كان أهم أسباب تطور‬
 ‫الكنيسة الكاثوليكية هو التطور‬                                              ‫الذي يخدم الكنيسة‪.‬‬
   ‫الفكري الذي حدث بالمجتمع‬                                         ‫‪ -2‬المبدأ الثاني هو أن الله آب‬
 ‫الأوروبي وانتشار قيم التنوير‬                                        ‫لجميع البشر‪ ،‬وجميع البشر‬

                                                                                        ‫إخوة‪.‬‬
                                                                   ‫‪ -3‬المبدأ الثالث هو أن الطبيعة‬
                                                                    ‫حسنة ولكن المجتمع هو الذي‬

                                                                                     ‫يفسدها‪.‬‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209