Page 205 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 205

‫‪203‬‬       ‫الملف الثقـافي‬

‫مكيافللي‬  ‫ماري وولستونكرافت‬       ‫سبينوزا‬                                 ‫والحداثة‪ ،‬ما مثَّل ضغ ًطا فكر ًّيا‬
                                                                            ‫وفلسفيًّا وعلميًّا على الكنيسة‬
‫فكرية ُتجبرها على التطور‪ .‬وبهذا‬          ‫الخاتمة‬
‫يكون الطريق إلى تطور الكنيسة‬                                             ‫وعقيدتها‪ ،‬فكان عليها أن تتطور‬
 ‫المصرية‪ ،‬هو إقرار مبدأ المواطنة‬       ‫هكذا نرى أن هناك سببين‬            ‫مع هذه الأفكار والقيم‪ ،‬وتتوافق‬
‫في مصر‪ ،‬ما يرفع عن المسيحيين‬            ‫رئيسيين لجمود الكنيسة‬
                                     ‫المصرية الأرثوذكسية‪ ،‬الأول‬              ‫مع حقائق العلم الحديث أو‬
   ‫الخوف من الاندثار‪ ،‬وبالتالي‬     ‫هو شعورها الدائم بالخطر على‬                ‫تنقرض‪ ،‬فاختارت التطور‪.‬‬
‫الانفتاح على أفكار الحداثة وقيم‬    ‫وجودها‪ ،‬ما يجعل همها ‪-‬وهم‬               ‫إلا أن هذا لم يحدث حتى هذه‬
  ‫التنوير‪ ،‬والثاني هو إقرار مبدأ‬     ‫المسيحيين المصريين عمو ًما‪-‬‬              ‫اللحظة‪ ،‬فالمجتمع المصري‬
                                    ‫هو الحفاظ على وجودها‪ ،‬حيث‬               ‫ما زال يعيش بأفكار القرون‬
    ‫حرية الرأى والتعبير‪ ،‬ليفتح‬        ‫ُينظر إلى صراع الأفكار هنا‬             ‫الوسطى ويقاوم ويعارض‬
      ‫الباب أمام ظهور مفكرين‬      ‫باعتباره تر ًفا فكر ًّيا‪ .‬والثاني‪ ،‬هو‬     ‫قيم التنوير والحداثة‪ ،‬ويرى‬
     ‫وفلاسفة وعلماء مصريين‬          ‫جمود وانغلاق البيئة المحيطة‪،‬‬             ‫فيها مخالفة صريحة لعقائد‬
     ‫قادرين على نقد المؤسسات‬       ‫ما يجعلها آمنة من أى تحديات‬             ‫الأديان الإبراهيمية‪ .‬فلم توجد‬
                                                                               ‫في المجتمع المصري ُنخب‬
‫الدينية والنصوص المقدسة دون‬                                                 ‫فكرية وفلسفية وعلمية كتلك‬
      ‫الخوف من سجن أو قتل‬                                                     ‫التي ُوجدت في أوروبا منذ‬
                                                                             ‫القرن ‪ 16‬وحتى اليوم‪ ،‬لهذا‬
                                                                            ‫لم تتعرض الأديان في مصر‬
                                                                             ‫‪-‬ومنها المسيحية والكنيسة‬
                                                                            ‫الأرثوذكسية‪ -‬لأى تحديات‬
                                                                         ‫عقائدية‪ ،‬وهو ما جلعها لا تشعر‬
                                                                          ‫بأى ضرورة لتطوير نفسها أو‬
                                                                             ‫إصلاح أى من مؤسساتها‪.‬‬
                                                                           ‫فكما الأفراد‪ ،‬لا تسعى للتغيير‬

                                                                                 ‫إلا تحت ضغط الحاجة‬
                                                                             ‫والضرورة‪ ،‬بخلاف ذلك لن‬
                                                                            ‫ُتغير أى مؤسسة ما اعتادت‬
                                                                         ‫عليه‪ ،‬خاصة إذا كان الأمر يتعلق‬
                                                                            ‫بالنسبة لها بالعقيدة والدين‬

                                                                                      ‫والحق والباطل‪.‬‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

                   ‫‪ -1‬تاريخ المسيحية الشرقية‪ ،‬عزيز سوريال عطية‪ ،‬ترجمة إسحاق عبيد‪ ،‬المشروع القومي للترجمة‪ ،‬ص‪.53‬‬
                                                                                            ‫‪ -2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
                                                                                             ‫‪ -3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
                                                                                            ‫‪ -4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
                                                                                            ‫‪ -5‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.74‬‬

          ‫‪ -6‬تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساوير بن المقفع‪ ،‬إعداد وتحقيق عبد العزيز جمال الدين‪ ،‬ص‪.17‬‬
                                                                                ‫‪ -7‬مقالات في الهوية القبطية‪ ،‬ماجد كامل‬

                                                                 ‫‪37232/https://www.islamist-movements.com‬‬
                                                                                                   ‫‪ -8‬المصدر السابق‪.‬‬
                                                                                                   ‫‪ -9‬المصدر السابق‪.‬‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210