Page 116 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 116
العـدد 34 114
أكتوبر ٢٠٢1
حقائق الغد؟ تستش ُف في قصة “كنزة” آلاء ما كما فعلت ذلك أمه ،ولكن ما يلبث أ ْن يم َر بتجربة
تحمله الأشياء من نفحات نستولوجية ،وتنحو يكتش ُف من خلالها أ َّن السعادة تنق ُص وتزدا ُد
قصة «جائزة» من ًحى تجريبيًّا ،تدور حول مشروع
الكتابة وإغراءات الجائزة والشهرة في اختيارات وفق مؤثرات خارجية ،كما ُيفه ُم الغرض من إيراد
المبدع .والأه ُم في هذا الإطار هو صراع الكاتب مع الملفوظ المشحون بدلالات حكمية «أصعب رهانات
نصوصه زاع ًما بأ َّن هناك أي ٍد خفية تفسد كتاباته،
ويؤرق ُه فوات فرصة المشاركة في المُسابقة .تلتف ُت المرء هي أن يفوز بنفسه» ،قبل أن تبد َأ مغامرة
إشراق سامي في قصة «شبابيك» إلى هموم الهجرة السبع الأخيرة وإنقاذه لابنة محمود الملاك الواقعة
والمنفى كما أ َّن لثقافة الطبخ حضور في تضاريس بين النهر والجرف إذ يمتلك ُه إحساس غير مألوف
المتوالية القصصية ،وتغل ُب سخرية متفلسفة على ينزع ُه الزهو والفخر ،ولايستغر ُق الأمر طوي ًل حتى
أجواء قصة «فلسفة» ومؤدى كل ما تمت الإشارة يرسل في طلبه والد الفتاة ويكرمه بملبغ مالي ،وفي
إليه أ َّن التنوع ملم ُح بار ُز في اشتغالات إشراق واقع الأمر أ َّن ذلك الموقف زاد ُه شعو ًرا بكسران،
سامي القصصية .وهي تعج ُن ثيمات متعددة بالمتن وهذا ما ينبي ُء به كلامه قائ ًل لإمه :أمي هل كسران
الحكائي. النفس مؤلم ج ًّدا؟
تكف ُل الكاتبة الراوي المشارك بسرد القصة الثالثة
الانزياح وهي بعنوان «قاموس» ،يسترس ُل السر ُد على لسان
طالبة جامعية وهي تض ُع المتلقي أمام علاقة أمها
الإبداع الأدبي هو بالمحصلة الأخيرة انزياح عن بالزمن وانهمامها بكشف بواطن الغيب ،ولايصرفها
الشكل المعهود في تناول الظواهر الموجودة ،ما عن متابعة كلام البصارين إلا اقترا ُح الابنة بقراءة
تسرد ُه الكاتبة في قصة «عيد ميلاد» يفت ُح المجال الفأل من خلال القاموس ،إذ يعد ُل قاموس الترجمة
بشأ ِن علاقة الإنسان بمرحل ٍة لا يتمك ُن من التواصل
مع الأشياء إلا من خلال وسائط خارجية ،إذ تتذك ُر عن وظيفته الحقيقية ويصب ُح عنص ًرا في لعبة
الراوية ما سمعته وهي رضيعة ،ويخبرها صو ٌت التبصر ،والغريب في الأمر أ َّن الكلمة التي تتصدر
قائ ًل« :أنت الآن في بداية الرحلة ،ستمضين بعض
الوقت في طريقك إلى هناك ،حي ُث تسك ُن الرحمة».. الصفحة التي تفتحها الأ ُم تفيد معنى «البومة»،
تدر ُك من محتوي هذه القصة والإشارة المضمرة ومن الواضح أ َّن هذه الكلمة تعاد ُل ما هو مكروه
في مفرداتها أ َّن الحرب تض ُع المرء خارج النظام
الزمني المألوف ،تدخ ُل الراوية في قصة «وجيهة» في الميثولوجيا الشعبية ،وما يضاع ُف شحنة
داخل أسرار التسمية ،إذ ما إن يتكس ُر التمثال الذي الغرائبية هو تسلل طائر البومة إلى المنزل ،ومن ث َّم
الذي أطل َق عليه ابنها اسم صديقته «وجيهة» حتى
تنكس ُر روح الأخيرة ويكسيها الكمد والحزن وتفقد يشي ُر صوت صاحبة القاموس إلى مكابدة أهلها
مرحها ،إلى أ َّن يتبين في الأخير أن حبيبها قد غا َب. لسوء الطالع متسائل ًة :هل يمكن أن يقو ُل القاموس
ما يجد ُر بالذكر أ َّن هذه المجموعة القصصية تفر ُد
شراعها بوجه التفاعل مع الموروث وإحداثيات
العصر .ولا تمنع المرجعية الواقعية من ارتياد
التجريب ومساحات ما بعد الحداثية