Page 115 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 115
113 نون النسوة
طاقة العنوان
يستم ُد النص الأدبي طاقته
التواصلية من عتبة العنوان،
وهو يوحي بمداليل متعددة،
ما يعني أ َّن لعبة التوقعات
تبدأُ عندما تش ُّد المفردة
الإشهارية المتلقي نحو عوالم
النص ،ومايدع ُم خصوصية
خطابه ،وذلك يت ُم من خلال
الإحالة إلى الأعمال الأدبية
الأخرى ،الأمر الذي ينطب ُق
على عنوان المنجز القصصي
لإشراق سامي ،فإ َّن مفردة
«دفاتر عائلية» تذكر المتلقي
آمنة يوسف أحمد المعلم لويس آراغون برواية «دفتر العائلة» للكاتب
الفرنسي باتريك موديانو،
لذهنه ،وكان ذلك متزامنًا مع إمساك بشيخ جامع عل ًما بأن العلاقة بين الأجزاء
المركبة تتباين في مفردتين من حي ُث الصياغة
النحوية .أ ًّيا يكن الأمر فإ َّن ما يثي ُر الاستغراب
القرية وهو متلبس بفعل رذيل ،ومن ُث َّم عودته أ َّن العنوان الرئيس في مجموعة إشراق سامي
لإسداء النصائح للناس! يتماهي الول ُد مع أحلام القصصية غي ُر مقتب ٍس من العناوين الفرعية المبثوثة
اليقظة محاكيًا في شكله وعلاقته مع الأرض تكوين في المحتوى .هل يعني ذلك غياب التواصل بين
العتبة الخارجية ومتعلقاتها من صورة الغلاف
الشجرة ،على الرغم من تأنيب المعل ِم لتخيلاته
الغرائبية في رسومه المعبرة عن مغايرته في والتصميم والمتن القصصي؟ هذه المناورة تهد ُف
التطلعات وما يصبو إليه. إلى ملاحقة ظلال العنوان الخارجي على تشكيلة
القصص بأكملها ،كأ َّن بالكاتبة قد أرادت الإشارة
يذكر أ َّن فكرة هذه القصة تعق ُد علاقة تناصية
مع رواية النباتية للكاتبة الكورية هان كانغ على
إلى أ َّن مضامين النص ما هي إلا امتداد لإرساليات مستوى بنية الحلم ،وما يعني اكتساب صفات
مفردة العنوان ،كما أ َّن الصورة العائمة في الفضاء الشجرة من اختبار شكل جديد من التواصل مع
الأبيض تضاهي نمط آلية الكتابة القصصية ،فإ َّن
المعطيات الوجودية .ولا تغي ُب ثيمة الحب في مناخ ما تتناول ُه سامي في حلقاتها السردية عبار ُة عن
القصة ،وإن أرادت الكاتب ُة تناولها بنبرة هادئة كما بورتريهات لمواقف وحالات إنسانية خاطفة ،إذ
يتجلى ذلك في القصة الثانية «أول الحب ..أو أول تدور القصة الأولى حول شخصية تراودها فرضية
التحول إلى الشجرة ،وما يعني ذلك بالنسبة للراوي
الكسران» ،طب ًعا منطوق العبارة يذكر بمقولة لويس
آراغون الذي صر َح بأ َّنه لا يوج ُد ح ُب سعيد ،تسر ُد المتكلم بالضمير الأول ،حيث تترس ُخ الجذو ُر
القصة عن طريق را ٍو كلي العلم خيبة محمد السبع، في منطقة عميقة من بستان جده مستعي ًدا كل
الأغاني التي كانت تترن ُم بها النساء اللائي يحمل َن
فهو قد كس َب ثقة القرية بشجاعته ولا يتمنى أواني البيت لغسلها على حافة الماء ،والحال هذه
سوى رؤية أمه مسرورة ونهوضها من أنقاض فإن الراوي يتذك ُر بداية مداهمة الأفكار الغرائبية
الحزن .ويستغر ُب -في الوقت نفسه -ترهين
الإنسان لسعادته وفرحه بوجود شخص آخر