Page 119 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 119
نون النسوة 1 1 7
كان هذه التغيير مجرد كلمات تطوف على قارب من
حكايا.
في (رحلة البحث عن أحدهم) ،تعود شخصية الصبي
لتتسيد مشهد القصة الرئيس الذي كان يستمع
إلى أستاذ التاريخ «الذي أكد ..أن الظلام إحساس
نسبي ،قد يتأتى من فقدان المال اللازم للستر» ،ثم
يدرك الصبي أن الإحساس النسبي قد يغطي على
معا ٍن كثيرة في حياتنا ،يفسر البديهات ويضفي
بعض التعقيد على أخرى« :لم يحاول أحدنا سؤال
الأفندي الفصيح ،أستاذ التاريخ ،عن الستر ،لأن هذه
الكلمة أخافت جز ًءا صغي ًرا منا مختبئًا تحت الوجدان
بتوهج عال .ذكرتنا هذه المفردة بأشياء لها ارتباط
جاد مع أمهاتنا وأخواتنا .لذا صمتنا» .قصة قصيرة
لا تتعدى الصفحات الثلاث ،لكننا قد نتوقف عند
معانيها ثلاثة أيام بلياليها!
تشعر إشراق بغربة من نوع خاص ،فهي غريبة
في قصة (شبابيك) مع أن لكنتها عربية ،تسكن في
(بناية الأجانب) ،وتشترك مع جاراتها الأجنبيات في
أوقات تواجدهن في مطابخهن ،لكن لكل مطبخ رائحة
ونكهة مختلفة ،لا قواسم مشتركة بين السيدات
الثلاث سوى ممارسة عادة الأمومة وقضاء وقت
طويل في المطبخ« :في الليل تطفئ أنوار الحركة،
تسكن الشجون في بيوتها ،وحدها نوافذ الأمهات
تبقى مفتوحة العيون ،تجتمع مطابخ ثلاثة في طلة
واحدة على زقاق ضيق .في العادة تتلاقى النظرات
لدقائق ليدور بعدها حوار صامت بيننا نحن النسوة
الثلاث في البناية الأجنبية».
مرة أخرى ،يلازمها شعور بالغربة وانعدام الأمان،
لكن نكهته تختلف هذه المرة حين يفقد الأب صوته
في قصة (عندما مات صوت أبي) .حين يباغت
الصبي في الشخصية الرئيسية النائبة التي حلت
بوالده ،ينتابه الخوف والحيرة ،فصوت والده
الواضح والقوي كان ملجأ أمان ،وعندما غاب
فجأة «اكتشفت أن الآباء أسطورة صوتية سينتهي
برحيلها شعورك بالأمان» .يدفع الأب الثمن ،كعادته،
حين يمنح صوته عن طيب خاطر لولده هذا بالذات،
فهذه هي مهنة الآباء الصالحين الذين يبذلون كل ما
يملكون ليمنحو أبائهم أسرار البقاء« :لست أدري
بالضبط ما العلاقة بين أبي وبيني ،لكني أتذكر تما ًما